الأخبار

حسين الرواشدة يكتب: ‏‏(لا) أردنية ضد التهجير بلا إضافات

حسين الرواشدة يكتب: ‏‏(لا) أردنية ضد التهجير بلا إضافات
أخبارنا :  

‏نقبل التهجير أم نرفضه؟ الإجابة التي وصلتنا من كافة إدارات الدولة ومرجعياتها، ومن اغلبية الأردنيين، (لا) كبيرة وحازمة وواضحة أيضا؛ أي محاولة لتوجيه النقاش العام حول هذه (اللّا) سواءً بالدعوة إلى استفتاء عام، أو التفكير بمقايضة وأثمان، أو التشكيك والاستهانة، يجب أن يفهمها الأردنيون في إطار «الإخلال بالشرف الوطني»، ويجب أن يتعاملوا معها برفض وازدراء، وأن يكشفوا أصحابها ليكونوا عبرةً لمن يعتبر.
‏الأردنيون الذين يؤمنون بالأردن؛ أفرادا أو أحزاباً أو قوًى سياسية، يجب أن يتوحدوا وأن يُشهروا على الملأ هذه (اللا) بدون أي إضافات أو شروحات أو تبريرات، الدبلوماسية الأردنية تعرف، تماما، كيف تقول هذه (اللا)، وكيف تطرحها على طاولة الحوارات واللقاءات مع الأصدقاء والأشقاء، ومع الذين يريدون أن نبتلع إجابة أخرى من دون نقاش، إدارات الدولة يجب أن تضع ما يلزم من خطط وإجراءات، وأن تتهيأ، سياسيا واقتصاديا، إعلاميا واجتماعيا، للتكييف مع ارتدادات هذه (اللا) وتوابعها واستحقاقاتها، تقديم رواية الدولة هنا مسألة ضرورية، ومخاطبة الأردنيين وتطمينهم مهم أيضاً.
‏صحيح، لا يحتاج الأردنيون لمن يبيعهم «وطنيات»، أو لمن يزاود عليهم في مواقفهم تجاه بلدهم، ولا ينتظرون -أصلا- أن يطلب منهم أحد افتداء وطنهم بأرواحهم، مهما كانت أوضاعهم صعبة وخزان مظلومياتهم مليئا بالعتب والغضب، فإنهم لا يترددون لحظة عن الاصطفاف خلف قيادتهم وجيشهم ومؤسساتهم، ومع دولتهم، لكن الصحيح، أيضا، هو أن أي مجتمع لا يخلو من أصحاب الأجندات والمصالح، ومن المتصيدين في المياه العكرة، ومن ضعاف النفوس و»والأنصاف» المستعدين للبيع والشراء، هذا «الصنف» يجب أن نفتح أعيننا عليهم، ففي أسواق الأزمات تزدهر عروضهم، وقد تجد بضائعهم من يشتريها.
‏أعرف، تماما، أن حسبة (اللّا) الأردنية كبيرة وكبيرة جدا، أعرف، أيضا، أنه لا مصلحة لنا في أي صدام أو حرب، أو بالدخول بتحدٍّ مع أي طرف، أعرف، ثالثا، أن ما وصلنا من رسائل قاسية وضغوطات لن يتوقف؛ غزة أولا وبعدها الضفة الفلسطينية، ملف التهجير سيتدحرج ويفرز ملفات أخرى، مشروع إعادة ترسيم خرائط «بلاد الشام» يبدو أنه اكتمل وأصبح قيد التنفيذ؛ هذا يعني أن المعركة ما زالت في بدايتها، وأن التراجع عن الخط الأول سيفتح الباب لتراجعات أخرى، حين ينقطع الخيط تنفرط حبات المسبحة، وهذا ما يدركه الأردن تماما، ويبني على أساسه خطواته ومواقفه.

‏بقي نقطة مهمة، إذا كان من واجب الأردن أن يرفض التهجير، ويدفع الثمن مقابل مواقفه السياسية، فمن واجب الفلسطيني، أينما كان، أن يرفض ذلك ويصمد في أرضه، ويضحي من أجلها بكل ما يملك، خط الدفاع الأول عن فلسطين وقضيتها هم الفلسطينيون الصامدون على أرضهم، لا يجوز للسلطة والفصائل مهما كانت مسمياتها أن تتنازل عن مسؤولياتها في «لمّ الشمل» الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام، لا يجوز أن يتصارعوا على حكم غزة المدمرة، لا يجوز أن يُحمّلوا أشقاءهم وأصدقاءهم مسؤولية تقصيرهم وأخطائهم.

إنّ دعم صمود الفلسطينيين والوقوف معهم والدفاع قضيتهم المقدسة واجب وفريضة على العرب والمسلمين وأحرار العالم، لكن في موازاة ذلك لابد أن يساعدوا أنفسهم ويساعدوا المؤمنين بقضيتهم لكي ننتصر جميعا في هذه المعركة. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك