اسماعيل الشريف يكتب : الذكاء الاصطناعي والانهيار القادم
يمكن أن يؤدي تطوير ذكاء اصطناعي متقدم إلى تغييرات لا يمكننا حتى تخيلها، وقد يكون له تأثير بعيد المدى على البشرية– ستيفن هوكينج.
ظهر أثرى أثرياء العالم إلى جانب دونالد ترامب في حفل تنصيبه، في إشارة واضحة إلى دورهم في وصوله إلى سدة الحكم، وحظوتهم لديه، وتأثيرهم المحتمل في سياساته المقبلة.
في هذا السياق، كتب ماركو أرجنتي، مدير التكنولوجيا في واحدة من أكبر المؤسسات المصرفية الأمريكية، غولدمان ساكس، التي تبلغ أصولها نحو 850 مليار دولار، مقالة على موقع المصرف، أشار فيها إلى أن الشركات ستبدأ، اعتبارًا من هذا العام، في التوسع باستخدام الذكاء الاصطناعي في أعمالها كما لو كانوا موظفين فعليين. سيتم تشغيل روبوتات تعتمد على الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع البشر، يلي ذلك مرحلة ثانية تصبح فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر شبهًا بالبشر – فلماذا إذن لا تحل محلهم؟ كما ستعيد الشركات تأهيل مديريها للإشراف على كادر هجين يجمع بين الإنسان والآلة. وفي مرحلة ما، قد تتكوّن الشركات من عدد محدود من كبار المديرين والمساهمين، فيما يديرها بالكامل جيش من أنظمة الذكاء الاصطناعي.
تزامنًا مع ذلك، بدأت نظرية مؤامرة تكتسب زخمًا متزايدًا، تفيد بأن ترامب وإيلون ماسك يعملان على إرضاء كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، التي ظهرت إلى جانبه في منصة التنصيب، من خلال منحها حرية استخدام الذكاء الاصطناعي لإحلاله محل البشر، باعتبار ذلك جزءًا من مكافآتهم على دعمهم له. ويعلمان ترامب وماسك أن هذا التوجه سيؤدي إلى انهيار اقتصادي عالمي.
وفي أول يوم من ولايته، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا ألغى بموجبه قرارًا صدر عام 2023، كان يهدف إلى الحد من المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على المستهلكين والعمال والأمن القومي الأمريكي، إضافة إلى الاقتصاد والصحة العامة والسلامة. وكان القرار يُلزم الشركات بمشاركة نتائج اختبارات السلامة مع الحكومة الأمريكية، وفقًا لقانون الدفاع، قبل طرحها للجمهور.
وللاستعداد لهذا الانهيار الاقتصادي المحتمل، أقدم ترامب، قبل أيام من حفل تنصيبه، على إصدار عملة مشفرة تحمل اسمه، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا.
وفقًا لهذه النظرية، سيبدأ الذكاء الاصطناعي، اعتبارًا من هذا العام، في الانتشار على نطاق واسع عبر مختلف القطاعات، ليحل تدريجيًا محل البشر، مما يؤدي إلى فقدان الملايين لوظائفهم، ويحدث انهيارًا اقتصاديًا عالميًا. فبينما يتحول الموظفون إلى أنظمة ذكاء اصطناعي، سيجد المستهلكون أنفسهم في حالة من الفقر والجوع، غير قادرين على شراء أي شيء. وبهذا، يحمي ترامب نفسه من تداعيات الأزمة عبر عملته المشفرة، فيما يخطط هو، إلى جانب ماسك وأثرى أثرياء العالم، للاستحواذ على ثروات البشرية ومصادرها الطبيعية، والعيش في مناطق محصنة بعيدًا عن الجياع.
قد تبدو هذه النظرية متطرفة وتنطوي على كثير من المبالغة، إلا أن ملامح هذا السيناريو تبدو وشيكة حتى وإن لم تكن بهذه الحدة. سيبدأ التغيير في الغرب أولًا، ثم سيمتد إلى بقية العالم، محدثًا تحولات جذرية في سوق العمل وحياة البشر. وسيؤدي ذلك إلى انقسام المجتمعات إلى فئتين: الأثرياء والمحرومون. وتحت ذريعة هذا الواقع الجديد، قد نشهد تنفيذ العديد من المخططات والأجندات التي طالما كانت تُطرح على هامش النقاشات، لكنها اليوم تبدو أقرب إلى التحقق. ــ الدستور