د. روان سليمان الحياري : زيارة ترامب: هل ستغير وجه الشرق الأوسط ؟

في لحظة سياسية فارقة، تستعد المنطقة لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ توليه منصبه، تشمل المملكة العربية السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة. وما تحمل هذه الزيارة من رسائل تتجاوز الشكل الدبلوماسي والبروتوكولي؛ إذ تأتي في توقيت حساس تتقاطع فيه ملفات الأمن الإقليمي والطاقة وسلاسل التوريد، مع تداعيات الحروب المفتوحة في غزة وأوكرانيا -وفرص استدامة وقفها- وعودة التنافس بين القوى الكبرى على ساحات النفوذ التقليدية وغير التقليدية.
لذا من المهم أن نقرأ هذه الزيارة بعيون واعية للتوقيت والسياق، الذي يؤكد على أهمية الشرق الأوسط الاستراتيجية. في وقت يشهد فيه الإقليم تحولات حادة، من تصاعد الاستقطاب الإقليمي، إلى الأزمات المزمنة في فلسطين وسوريا واليمن، مرورًا بتمدد النفوذ الإقليمي لبعض القوى، وانعكاسات الحرب في أوكرانيا على أمن الطاقة وسلاسل الإمداد العالمية.وتبرز المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة كفاعل محوري في أي مقاربة أمريكية جديدة تجاه المنطقة، لا يمكن تجاوزه، سواء في إدارة دفة الاستقرار الإقليمي أو في صياغة التوازنات الدولية المقبلة.
إن "تعزيز الشراكات الاستراتيجية" في مجالات الدفاع والاستثمار والطاقة، ليس ببعيد عن جوهر التحرك الأمريكي المدروس لإعادة التموضع، وإعادة رسم الترتيبات السياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة، وربما الدفع نحو تحالفات جديدة مرنة، وفاعلة، تستند إلى المصالح، في منطقة تعاني من فائض الأزمات. ويتطلب نجاح "التنسيق الأمني" كأولوية فيه، إلى مراجعة شاملة لمقاربات جذور الأزمات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي لا تزال تمثل مفتاح استقرار أو انفجار في المنطقة.
إن التقاء المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية للقوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، لا كمجال نفوذ فقط، بل كخط دفاع أول ضد أزمات قد تمتد إلى العالم بأسره، وتؤشر إلى تزايد التداخل بين الأمن الإقليمي العربي والأمن الأوروبي، ولربما فتح الباب أمام دور أطلسي أوسع في ملفات المنطقة، خاصة في سياق انضمام وزير الخارجية ماركو روبيو للزيارة، إبّان حضوره اجتماع وزراء خارجية "الناتو" في تركيا.
زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة قد تكون فرصة سلام واستقرار حقيقية، ومما لا شك فيه بداية لترتيب موازين القوى في الإقليم، وتشكيل التحالفات، وإعادة صياغة ترسيم خرائط النفوذ، وتعريف الاستقرار والسلام، في منطقة أنهكتها الحروب والصراعات بالوكالة.
فأمام شرق أوسط جديد… لن يصمد إلا من يُجيد التوازن، والمبادرة.