ابراهيم عبد المجيد القيسي : شؤون أردنية ليست يومية

لو كنت أدير مركزا لاستطلاع الرأي، فلن أقوم باستطلاع لمعرفة رأي المواطنين حول أهم الشؤون الأردنية، اليوم، لأنه رأي ربما يكون اليوم مهما لصانع القرار، لكنه ليس كذلك غدا، ومع ذلك فإنني سأسرد في عجالة أهم ما أعتقد بأنه شأن يومي، أردني، لاحظت اهتمام الناس به هذا الصباح..
لم يهتم كثيرون بكرة القدم، على الرغم من أهمية مباريات منتخبنا الوطني لكرة القدم المتبقية، في التصفيات التمهيدية لكأس العالم، وذلك على الرغم من أن بعض الشياطين يريدون التمهيد لمناكفات وخلافات بين الشعبين، الأردني والعراقي، حول اللقاء المهم الذي سيجمع المنتخبين في التصفيات قريبا..
وقلة «نخبوية» قليلة، مستمرة في التحدث عن الهوية الوطنية الأردنية، التي تغيب كثيرا عن بال واهتمام كثيرين، لكنها وحين تتعرض للتهميش والنسيان، والتنصل منها، يصبح الحديث عنها مطلوبا، لأن تغييبها عن الأحداث المحلية، وكأنها هوية ثانوية، يشعرنا بأن «بلدنا» كله ليس مهما، ولا قضاياه، ولا حدوده، ووجوده.. لذلك يجب التذكير بأن كل الشعب «أردنية» وليس «كله» حمساوية.
مهما قلنا أو فعلنا، فللحصاد مواسمه، وللطبيعة قوانينها لا سيما في الزراعة، وموضوع غياب «الليمون» المحلي أياما، ليس شأنا حساسا، لأن «ملح الليمون» موجود، لكن وجوها، تستطيب هذا الحديث، وتحاول جاهدة اعتبار ارتفاع سعر الليمون شأنا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وزراعيا وتربويا أردنيا.. فعلى مقربة منا يوجد بشر يموتون جوعا، وعطشا، ويجري حرقهم من قبل الطائرات المسيّرة، كلما رفعوا أيديهم وحاولوا الابتهال لله يسألونه الرحمة والرزق..
وزيارة «ترمب» للمنطقة، ليست شأنا أردنيا، لكن يهمنا في الأردن علاقتنا مع أمريكا وغيرها، لوقف حرب الإبادة الجارية بحق الشعب الفلسطيني، واحترام جهود ودور الأردن في مكافحة الإرهاب، وفي الأمن والسلم العالمي، وقيامه بواجبات إنسانية تفوق قدرته وتتجاهل أزماته.
سمير الرفاعي؛ رئيس الوزراء الأسبق، و»رئيس اللجنة الوطنية لتحديث المنظومة السياسية»، التي قدمت تصوراتها للدولة، وتناولتها الدولة وشرعت في تطوير وتغيير وتحديث.. هو أكثر مسؤول معني بالحديث الذي «يعرّض» بتوجه الدولة في تحديث وتطوير المنظومة، ويجب أن لا يغيب عن المرحلة، أمام دعوات بعضهم للتراجع عن مسيرة التحديث والتطوير، فهي مساع نهضوية، يجب أن لا تتوقف عند منعطف خارجي أو داخلي، لأنها خيار أردني استراتيجي، نقول ضروريا حتى لا نقول «حتميا».
لا يجوز استطلاع شأننا اليومي فقط، فنحن في دولة، فيها حكومة ومؤسسات، ولا تعمل بالمياومة ولا بالقطعة، وهذا أهم ما تميز به الأردن الحديث، فأهدافه وأخلاقه وقيمه ومواثيقه، ثابتة واضحة، أثبتت الأيام صوابها وتفردها، ونجاحها، بل صمودها، بينما تعبنا من متابعة الانهيارات حولنا. ــ الدستور