الأخبار

نسيم عنيزات : الاحتلال تحت الضغط وتنازلات من الطرفين

نسيم عنيزات : الاحتلال تحت الضغط وتنازلات من الطرفين
أخبارنا :  

إن قرار حماس الإفراج عن الجندي الأسير الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر دون شروط، حركة تكتيكية أحرجت دولة الاحتلال الإسرائيلي ووضعتها في زاوية ضيقة.

خاصة وأن المبادرة جاءت في وقت يشهد تراجعًا في الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل إلى الخلف ولو قليلًا، بعد أن استنفد رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو جميع الفرص والذرائع لمواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد أبناء قطاع غزة وفشله في إعادة جميع الأسرى كما وعد شعبه.

وأصبحت الإدارة الأمريكية تشعر بالحرج أمام العالم وهي تدافع عن الجرائم الإسرائيلية وما تمارسه من حرب همجية وحصار على القطاع بأكمله، حال دون دخول أي مساعدات إنسانية إلى القطاع منذ ما يقارب الشهرين، الأمر الذي تسبب بمأساة إنسانية ومجاعة شاملة لم يشهد مثلها التاريخ الحديث.

كما أن انفتاح حركة حماس وتركها الباب مواربًا فيما يتولى قيادة القطاع مدنيًا، واستعدادها للقبول بإدارة مدنية تمثل الشعب الفلسطيني سواء من أبناء القطاع أو الأراضي الفلسطينية المحتلة، شكّل ضربة جديدة للاحتلال، كما أعطى مبررًا لإدارة ترامب لإجراء مفاوضات مباشرة أو عبر وسطاء مع حماس حول مستقبل الحرب وآلية إدارة القطاع، ستبدأ -على ما يبدو- بوقف لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.

يُضاف إلى هذا كله الضغط الداخلي الإسرائيلي على نتنياهو والقيادة العسكرية التي تطالبه بوقف الحرب وإجراء صفقة شاملة لإعادة الأسرى، بل تعدّت إلى المطالبة باستقالته والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

في الوقت الذي أصبح فيه جيش الاحتلال منهكًا ومترددًا بالدخول إلى ساحة الحرب وخوض القتال، هناك حالة من الرفض والتمرد بين صفوف الجيش من الاحتياط الذين يرفضون العودة والمشاركة، بل أصبحوا يطالبون بوقف الحرب من خلال عرائض وقع عليها عدد كبير من القطاعات العسكرية والمدنية المختلفة.

وفي ظل هذه الحالة وتشابكها في الداخل الإسرائيلي، فإن المعارضة التي يقودها (لابيد) تستغل المشهد للانقضاض على نتنياهو والنيل منه بتوجيه سهام النقد واتهامه بالفشل وتعريض دولة الاحتلال للخطر.

هذا على الجانب الداخلي في دولة الاحتلال والموقف الأمريكي، أما الموقف الدولي والمنظمات الأممية، خاصة الإغاثية والإنسانية، فإن الأمر مختلف ويزداد تعقيدًا مع اتهامها دولة الاحتلال بأنها تمارس سياسة تجويع متعمدة وممنهجة على المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، الأمر الذي تسبب بوفاة آلاف الأشخاص جوعًا أو بسبب عدم توفر العلاج والدواء بعد أن خرج القطاع الصحي عن الخدمة، ناهيك عن عدد الشهداء الذي يسقط يوميًا جراء القصف المستمر.

الأمر الذي أعاد الصخب والمظاهرات إلى الشارع الأوروبي، المطالب بوقف الحرب ووقف التعاون مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في جميع المجالات، مما أحرج زعماءها وقادتها، حيث أصبحنا نسمع ونرى مواقف جديدة ترفض الحصار وتطالب بوقف العدوان.

هذا كله، إضافة إلى المواقف العربية الرافضة للتهجير أو استقبال أي لاجئ من غزة، مما عمّق حالة الفشل التي يعيشها نتنياهو، كما أفشل جميع مخططاته وجعله في عزلة داخلية وخارجية ومطالبات قضائية باعتقاله.

مما يؤكد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها الحكومة المتطرفة، تعيش تحت الضغط وتسابق الزمن للخروج بمكسب مهما كان حجمه أو قيمته من أجل بيعه أو تسويقه للمواطنين قبل أن تفلت الأمور من يدها وتفقد زمام السيطرة، التي -على ما يبدو- أن ساعتها اقتربت، وأمورها حُسمت نحو استدارة وإجراء صفقة لن تكون على مقاس نتنياهو، كما أنها لن تكون أيضًا وفقًا لشروط حماس كلها، فهناك تنازلات سنراها من الطرفين. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك