علي ابو حبلة : إسرائيل تسعى لإيجاد بدائل في الضفة الغربية

تواصل إسرائيل خطواتها في سبيل إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وتسعى جاهدة لتكريس عودة سلطة الادارة المدنية ، وآخر القرارات التي صادقت عليها حكومة الائتلاف اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو مؤخراً، ويقضي بقطع علاقات التعاون الإقليمي مع السلطة الفلسطينية، وكلّفت وزير التعاون الإقليمي، دافيد أمسالم، بتنفيذ القرار، وحذف اسم السلطة من تعريف الوزارة المكتوب عام 2009. بنص القرار الجديد على أن إسرائيل ستعمل على تعزيز التعاون مع دول المنطقة، وتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة، دون اعتبار السلطة واحدة منها، ويشمل ذلك عدم توزيع الأموال لدعم وزاراتها التي تدير مشاريع وأنشطة للتعاون الإقليمي، خاصة في مجالات الزراعة والبيئة والطاقة المتجددة وغيرها.
تطبيقاً للقرار الإسرائيلي، فلن تُعقد من الآن فصاعداً اللجان المشتركة، لا سيما الاقتصادية والتجارية والمدنية مع السلطة، استمراراً لسياسة احتجاز أموال المقاصة (الضرائب)، وعزل مختلف القرى والمحافظات بأكثر من 900 حاجز وبوابة حديدية، في تكريس عملي للضم الفعلي للضفة بدون سكانها الفلسطينيين، وجعله أمراً واقعاً، وشرعتنه.
وينسجم القرار الإسرائيلي الجديد بقطع علاقات التعاون الإقليمي مع السلطة الفلسطينية مع توجهات الاحتلال الذي يحاول الانتقاص من السلطة الفلسطينية ويعتبرها كيان وظيفي بما ينسجم مع مصالح ومخططات إسرائيل الذي يسعى جاهدا لفرض سياسة الأمر الواقع ويمهد لسياسة الضم .
خطوات إسرائيلية تؤدي إلى إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وتبرز باتخاذ العديد من الخطوات وأهمها «-
1- تشديد العقوبات المالية على السلطة، مما من شأنه زعزعة استقرارها والإضرار بعملها وصورتها العامة.
2- تجميد النشاطات الاقتصادية والتجارية مع الفلسطينيين في الضفة بذريعة تبعات حرب غزة، ووقف تدفق عمالها إلى الداخل المحتل.
3- تكثيف البناء الاستيطاني في الضفة، والتوجه الفعلي لتحويل مستوطناتها إلى مدن إسرائيلية رسمية.
4- مضاعفة الاجتياحات العسكرية في الضفة وصولاً إلى محاكاة عملية «السور الواقي» وتحت مسمى السور الحديدي ، حتى لو أدى ذلك إلى إنهاء وجود السلطة من الناحية الفعلية.
يترافق القرار الإسرائيلي الجديد والإجراءات الإسرائيلية مع توفّر جملة من المعطيات السياسية القائمة، التي تزيد من دلائل محاولات إضعاف السلطة الفلسطينية في ظل انغلاق الأفق السياسي والوصول إلى طريق مسدود في ظل تفاقم التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية وتضخم المديونية في ظل الخصم والتحكم بتحويلات ضريبة المقاصة ما يعزّز فرص استيقاظ الفلسطينيين والعالم يوماً ما، وقد يكون قريباً، على مشهد سياسي جديد
لا تتوقف الأطماع الإسرائيلية عند القرار الجديد على الساحة الفلسطينية فحسب، بل تمتد إلى الأردن، الذي سيواجه، في حال شرعت حكومة نتني اهو بضم الأراضي الفلسطينية ، جملة من التحديات المتعددة،هذا في حين تسعى إسرائيل عبر سياستها وإجراءاتها لخلق البديل عن السلطة الفلسطينية وأهمها :-
1- تقسيم صلاحيات السلطة، ضمن سياسة «تقسيم المقسّم، وتجزئة المجزّأ، وتفكيك المفكّك»
2- محاولة تكليف بعض الشخصيات الفلسطينية في الضفة بإدارة الشؤون المحلية، وتتحدث وسائل إعلاميه عن ذلك وعن تواصل جهاز الأمن العام «الشاباك» مع قيادات محليه
3- سيناريو ثالث حاضر بقوة، وهو توسيع النفوذ الإسرائيلي، والتدخل المستمر والكثيف للجيش وأجهزته الأمنية، في خطوة تسعى لإعادة «مأسسة» الحكم الإسرائيلي المباشر للضفة، على غرار الإدارة المدنية، التي زاد نفوذها بصورة واسعة خلال العامين الأخيرين.
4- تفعيل نشاط البلديات والعشائر وبعض المنظمات المجتمعية، ومنحها دوراً أكبر، من خلال موارد وقنوات أخرى لا تملكها السلطة.
خطة الحسم وبرنامج حكومة عمل الحكومة وتتمحور عن حقيقة الخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية منذ بداية عملها أواخر 2022، بما فيها قرارات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بمصادرة ملايين الدولارات من أموال السلطة من «المقاصة»، واعتبارها ضمن خطة متوافق عليها داخل معسكر اليمين تقضي بإضعاف السلطة بشكل أكبر، وصولاً لإنهائها، كجزء من خطة طويلة المدى لإلغاء اتفاقيات أوسلو، وضم الضفة.
من الواضح أننا أمام مزيد من الضغوط الإسرائيلية التي ستمارس على السلطة، وسنشهد تصاعداً في العقوبات المفروضة عليها، ويدرك المستوطنون أن أطماعهم لن تتحقق طالما بقي الوضع السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية على ما هو عليه، حيث تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع مجال أعمال الاداره المدنية في الأراضي الفلسطينية وذلك من خلال فتح التعامل مباشره مع الفلسطينيين ويعرب مراقبون فلسطينيون عن اعتقادهم، بأن إسرائيل، تسعى من خلال توسيع مجال عمل مكاتب الادارة المدنية في الأراضي الفلسطينية، إلى سحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية، وتعبئة أي فراغ قد يحدث في حال «حلّها»، أو سقوطها أو إضعافها
مما يتطلب من الجهات المسؤوله في السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات رادعه للحيلولة دون تمرير المخطط الإسرائيلي لعودة الإدارة المدنية وتفكيك السلطة الفلسطينية أو إضعافها عبر التواصل المباشر مع السكان الفلسطينيين وضرورة دعم السلطة الفلسطينية وتوفير شبكة الأمان العربية للحيلولة دون انهيارها.