باسم سكجها يكتب: عن "سيرة الحيايا" في الأردن!

هي مسألة باتت تشغل كلّ الأردنيين، وأين ما يفتحون وسائل التواصل يجدونها أمامهم، وصار الناس يتحسّسون أقدامهم مع كلّ خطوة، وأكثر من ذلك فهذا أمر بدأ يمنعهم من التنزه في عزّ الربيع.
نتحدث هنا عن الأفاعي التي خرجت من جحورها، ويتمّ تضخيم الأمر بشكل مرضيّ، حتى صار حديث الناس، وبمبالغات غير معقولة، وللأسف فكثير من وسائل الإعلام المحترمة صدّقت وعمّمت.
الأرقام الحقيقية المعلنة أنّ هناك أقلّ من خمسين لدغة، في أنحاء البلاد، ليس بينها سوى واحدة حرجة، وهذا أقلّ من الطبيعي بكثير، وللعلم فقط، فيمكن لـ"قرصة" دبور أن تكون أصعب!.
في تراثنا، ومن أساطير مجتمعنا، هناك ما يسمّى بـ"سيرة الحية"، حيث يمكنك أن تكون في جلسة تستمع فيها إلى عشرات القصص عن الحيايا، ويتبيّن أنّ أغلبها مختلق، ومن وحي السهرة.
"سيرة الحيّة" في الأردن تجتاح المكان، وتخلق الخوف، والطريف أنّ هؤلاء الذين يقفون وراءها يدّعون أنّهم وحدهم من يحملون الترياق، وأنّهم أتوا به من إسرائيل، باعتبارها الوحيدة التي تملكه.
ذلك ليس صحيحاً، بالمرة، فمجرد إتّصال بالدفاع المدني يعني أنّ سيارة إسعاف ستصلك خلال أقلّ من ستّ دقائق، وهو رقم قياسي عالمي، وفي المستشفيات وربّما في السيارة نفسها الترياق المؤكد.
الدفاع المدني يُحذّر، وهذا من واجبه، ولكنّه وللتحسّب من نوع الافعى لا يُعلن عن أنّ الأمر ليس كارثة وطنية، والمعروف أنّ الغالبية الغالبة من أنواع الأفاعي ليست سامة، واصلاً فهي تهرب لمجرد شعورها بالخطر، ووجود الانسان!.
كاتب هذه السطور يعيش في غابة، وكان مشهد الأفعى من بعيد يثير فيه نفسه الخوف، ولكنّه تعوّد على الأمر، وفي حقيقة الأمور فكلّ ما شاهده لم يزد على قليل القليل، ولم تشكلّ له أدنى خطر، وكانت تهرب وتهرب وتختفي، فلا تخافوا، ولا تلتفتوا إلى أحاديث الحية، وللحديث بقية!..