الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : الجرذان

اسماعيل الشريف يكتب : الجرذان
أخبارنا :  

الجَبَانُ مَقْتُولٌ بِالخَوْفِ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ، وَالشُّجَاعُ حَيٌّ وَإِنْ خَانَهُ العُمْرُ، وَحَاضِرٌ وَإِنْ غَيَّبَهُ القَبْر- الخوارزمي.
نتذكر بأسى وخجل ملحمة الطفلة هند رجب، التي بقيت أربعة أيام محاصرة بين دبابات الاحتلال الصهيوني، تحت أنظار العالم أجمع، بعد أن قُتل جميع مرافقيها ثم المسعفين الذين حاولوا إنقاذها. كانت كلماتها المرعبة تتردد في الأذهان: «ماما، أخاف من الظلام.»
وفي آخر اتصال لها مع الصليب الأحمر، قالت بصوت واهن خائف: «عمو، قاعدين بطخّوا علينا...» لينقطع الاتصال بعدها، ويروي من وصل إليها أولا أن 265 رصاصة أطلقها الجيش المجرم في الموقع.
ولكن روح البطلة هند لم تهدأ بعد، فقد بدأت بمطاردة جنود الجيش المجرم في كل أنحاء العالم، تلاحقهم كابوسًا مرعبًا، وتجعلهم يعيشون حياة الجرذان، مختبئين، هاربين من شبح البراءة الذي لن يغفر.
أصدرت محكمة برازيلية أمرًا عاجلًا باحتجاز جندي صهيوني والتحقيق معه بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، أثناء قضائه إجازة هناك، وذلك بعد أن تقدمت منظمة حقوقية بلجيكية تحمل اسم الشهيدة هند رجب، كرّست نفسها لملاحقة الجنود والمسؤولين الصهاينة الغارقين في دماء المحرقة المستعرة في غزة، بدعوى قضائية أمام المحاكم البرازيلية، مدعّمة بأدلة دامغة، تضمنت مقاطع فيديو تُظهر هذا الجبان وهو يزرع المتفجرات لهدم الأحياء.
ولكن الجرذ الجبان تمكّن من الهرب قبل احتجازه، متسللًا في جنح الليل، هاربًا من عدالة تلاحقه.
تُعد هذه سابقة تاريخية، إذ تُفتح لأول مرة تحقيقات بحق أحد جنود الاحتلال الصهيوني بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كما توجد ثلاثون قضية مرفوعة ضد جنود صهاينة في كل من قبرص وسريلانكا وتايلاند والأرجنتين وهولندا. وأية دولة موقّعة على اتفاقية روما لا تملك إلا النظر في الدعاوى المقدمة ضد جنود الاحتلال، التزامًا بهذه الاتفاقية.
وهذا الحدث وقع كزلزال هزّ الكيان الصهيوني، حيث صرخ زعيم المعارضة يائير لابيد قائلاً: «إن إجبار جندي احتياطي على الفرار من البرازيل تحت جنح الليل لتجنب الاعتقال بسبب قتاله في غزة، يشكل فشلًا سياسيًا ذريًّا لحكومة غير مسؤولة.» وأضاف غاضبًا: «لقد وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها للفلسطينيين مكانة دولية تفوق حكومة «إسرائيل»، وجنودنا يتجنبون السفر خوفًا من الاعتقال.»
وأصدرت أمهات الجنود رسالة حذّرن فيها قادة الكيان من مخاطر اعتقال الجنود خارج فلسطين المحتلة، خصوصًا بعد اختطاف القضاء على يد نتن ياهو، مما جعل الجنود مكشوفين أمام المحاكم الدولية دون حماية قانونية حقيقية.
وذكرت صحيفة هآرتس أن الجيش الصهيوني حذّر جنوده المتواجدين في الخارج من خطر الاعتقال بعد ارتكابهم المجازر المستمرة في غزة. كما أوعز لقواته بسحب جميع المواد التي نشروها على الشبكة العنكبوتية، والتي يوثّقون فيها ارتكابهم لجرائم حرب، خشية استخدامها كأدلة في دعاوى قضائية مستقبلية ضدهم.
هذه الحادثة تسلط الضوء على الضغوط الدولية المتزايدة على الكيان الصهيوني، كاشفة حجم الانقسام الداخلي الذي يعيشه، وتراجع نفوذه العالمي في ظل حالة العزلة المتفاقمة.
يتبجح نتن ياهو بأنه أعاد تشكيل الشرق الأوسط، متناسياً أن لعنة جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها تطارده وتطارد كيانه. وسنشهد قريبًا محاكمة جنود الاحتلال، وستتوج هذه اللحظة باعتقال نتن ياهو كمجرم حرب. حينها، ستراقب هند المشهد من الجنة، مبتسمة بانتصار الحق.

مواضيع قد تهمك