الأخبار

عبد الهادي راجي المجالي : حوار في الهوية

عبد الهادي راجي المجالي :  حوار في الهوية
أخبارنا :  

قبل شهر، قررت استرجاع الماضي وعدت للكرك في الباص..

لم تتغير الباصات والكرك لم تتغير، فقد جلست بجانب عسكري، يبدو أنه حصل على إجازة ويريد العودة.

الباص كان مليئا بالطلاب، بالموظفين الذين قرروا العودة لمنازلهم، وكان يوجد به أيضا رجل في أواخر الستين وزوجته، وقد فهمت من الحديث بينهما.. أنها خضعت لمراجعة في المدينة الطبية عند (استشاري كلى) والأمور مطمئنة..

في الباص وحتى نتغلب على الزمن وتعب الطريق أجريت حوارا مع العسكري الذي يجلس بجانبي.. طبعا أسئلتي كانت: كيف حالك؟.. وين بتخدم؟ قديه خدمتك..؟ يعني انت صنفك مشاة ولا دروع؟.. معك مظليين؟.. كم دورة دخلت؟.. ما ميلت ع المؤسسة وانت مروح؟.. بتعرف حامد بيك؟.. ومن ضمن المصطلحات التي استعملت في الحوار: السيور، اليطق، الجعب..

بعد ذلك أكملنا الحوار.. ومن ضمن الأسئلة التي وجهتها له:.. يعني ما خدمت مكاتب كل خدمتك ميدان؟.. (..) متى اترمج؟.. منزلين عروض صوبات فوجيكا ع المؤسسة؟.. بعرفوا ابن عمي طلع معلولية؟.. يعني بعد سنتين بتصير قايد فصيل!.. الأرزاق يومي بتجيكو؟

وفي لجة الحديث عند (الكوع) المؤدي للكرك.. سألني العسكري: انت متى اترمجت؟.. خفت أن أقول له إني لم التحق بالجيش نهائيا لكني قفزت عن السؤال بإجابة مبهمة توحي بأني تعرضت للطرد.. فأغلق الملف.

بقينا حتى مثلث (الثنية) ونحن نتحاور عن العسكرية وثقافتها وشجونها وحلاوتها وأوجاعها.. كان حديثا جميلا استعدت فيه ذكرياتي كلها، وتفاصيل العمر الذي ضاع بين السجائر والأحلام، وتفاصيل البلد والناس..

أنا لا أقدم مقالا يروي قصة حدثت معي في الباص، ولكني أردت أن أقدم نموذجا للحوار في مسألة الهوية، أردت أن أقدم نموذجا لمعنى الأردن الذي أفهمه.. لمعنى المواطن ومعنى الجنوب، ومعنى الحب.. ومعنى قداسة التراب الوطني.

في النهاية ما زلت مؤمنا أن مصطلحات: (الجعب، السيور، القايش).. مازالت هي المصطلحات التي تدل على الحب لمن يفهم معنى الأرض والتراب ومعنى البلد..

كنت أتمنى لو أن هذا الحوار سجل على كاميرا، وتم عرضه في مجلس النواب.. على الأقل (القايش) حمى وطنا كاملا.. وسلمه لنا مطمئناً آمناً، في حين أن الأرقام سرقت كل حلم جميل منا.. ــ الراي

Abdelhadi18@yahoo.com

مواضيع قد تهمك