د. حمزة الشيخ حسين يكتب : من الأقوى فعلاً عندما تهتز الدولة؟
د. حمزة الشيخ حسين
الدكتور بشر الخصاونة قال إن رئيس الوزراء أقوى من مدير المخابرات العامة لأن التراتبية الوظيفية تضعه في رأس السلطة التنفيذية. الكلام منطقي وصحيح في الظروف الطبيعية، عندما تكون الدولة مستقرة وكل المؤسسات تعمل بشكل روتيني وواضح.
لكن الواقع غير ذلك تمامًا عندما تدخل الدولة مرحلة خطر. في لحظة التهديد، لا أحد ينتظر توقيع رئيس، ولا قرار مجلس وزراء، ولا نقاش بين الجهات. في تلك اللحظة، المعلومة أهم من المنصب، والسرعة أهم من البروتوكول، وحماية الناس أهم من الألقاب.
هنا يظهر دور جهاز المخابرات العامة. في الظروف الحساسة يصبح مدير المخابرات هو الرجل الأقوى فعلاً، لأنه الوحيد الذي يرى الصورة كاملة، ويعرف ما يجري في الداخل والخارج، ويملك خطًا مباشرًا مع جلالة الملك لاتخاذ قرار فوري دون تأخير. وقد يصدر قرار بإيقاف أي مسؤول مهما كان منصبه إذا كان هناك خطر على البلد، حتى لو كان وزيرًا أو رئيس وزراء على رأس عمله. هذا ليس استعراض قوة، هذا واجب حماية وطن.
جهاز المخابرات ليس فقط مؤسسة تجمع المعلومات، بل هو العين التي ترى قبل أن يرى الآخرون، وهو الجهة التي تعرف ماذا يجب كشفه وماذا يجب حجبه حتى لا تتضرر الدولة. ولهذا يحظى الجهاز بثقة الناس دون صناديق اقتراع، لأن المواطن يعرف أن هناك من يعمل في الخفاء ليحميه قبل أن يشعر بالخطر أصلًا.
إذن، نعم، كلام بشر الخصاونة صحيح في وقت الهدوء. رئيس الوزراء في تلك الحالة هو صاحب القرار التنفيذي الأعلى. لكن عندما تدخل الدولة مرحلة الخطر، لا يكون الأقوى صاحب المنصب الأعلى على الورق، بل صاحب القدرة على حماية البلد على الأرض.
في النهاية، الدولة تحتاج الجميع: حكومة، مؤسسات، وأجهزة أمنية. لكن عندما تهب العاصفة، القوة تنتقل لمن يستطيع أن يوقفها… وليس لمن هو أعلى رتبة..