الأخبار

أ.د.زياد ارميلي يكتب : حين تتكلم الوقاحة باسم العدالة.. وإسرائيل تحاضر في الأخلاق!

أ.د.زياد ارميلي يكتب : حين تتكلم الوقاحة باسم العدالة.. وإسرائيل تحاضر في الأخلاق!
أخبارنا :  

في مشهد عبثي لا يخلو من الوقاحة والازدراء للعقول، صعد المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة ليطلق تصريحاً من أغرب ما سمع في قاعة طالما سادها النفاق السياسي، إذ طالب علناً وبصوت الواثق المجرم أن يوقف مجلس الأمن "المهزلة الإيرانية". نعم، لم يطلب وقف العدوان، ولم يدعُ للسلام، بل طالب العالم بمنع إيران من الدفاع عن نفسها، من الرد على الضربات، من تطوير قدراتها العسكرية، من حماية شعبها وحدودها وسيادتها.

في نظر الكيان الصهيوني: الدفاع عن النفس جريمة، وتطوير السلاح حق محصور فيهم، ومن يقف في وجههم يجب أن يكسر ويعزل ويحاصر. أي انفصام أخلاقي هذا؟! بل أي عالم هذا الذي يستمع لتلك التصريحات ولا يضحك سخرية أو يبكي قهرًا؟!

نسي هذا المندوب، أو تجاهل متعمّداً، أن دولته تمارس واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث: إبادة شعب أعزل في غزة. تدمير منهجي للبنية التحتية، قصف للمستشفيات، للجامعات، للمدارس، للمساجد والكنائس، للإنسان ذاته. في غزة تذبح الطفولة، وتحاصر الكرامة، ويخنق الأمل في وضح النهار، ولا من مُحرك ساكن!

هنا، لا بدّ أن نسأل: من يمارس المهزلة حقًا؟ من الذي يمثل تهديدًا على الإنسانية؟ إيران التي أطلقت صواريخها رداً على عدوان، أم كيان يغتصب الأرض، ويقتل الأبرياء، ويعيث في الأرض فساداً منذ أكثر من سبعة عقود؟!

غزة ليست مجرد مدينة تقصف، إنها عنوان للمظلومية، وراية للحق، وبوصلة تعيد ترتيب المواقف. هناك، حيث الموت يوزّع بعدالة أكثر من الغذاء، وحيث الكرامة تدفن مع كل شهيد، ما زال الناس يصمدون. شعب بأكمله يواجه آلة قتل صهيونية مدعومة من أقوى قوى العالم، ومع ذلك لا ينكسر، بل يلهم، ويربك، ويبعث من تحت الركام صرخات تخلع القلوب.

ولكن أين العرب؟!
أين أصحاب المجد والتاريخ؟!
أين الأمة التي أنجبت عمر بن الخطاب، وصلاح الدين، وطارق بن زياد، وسيف الله خالد بن الوليد؟!
أين الذين حرروا القدس ذات يوم؟ أين الذين أوقفوا زحف التتار والمغول؟ أين الذين خاضوا معارك الكرامة والدفاع عن المظلومين في كل العصور؟!

هل يعقل أن من خاض معركة مؤتة بثلاثة آلاف رجل في وجه مئتي ألف، يقف اليوم عاجزًا أمام كيان هشّ بات يرتعد من بضع صواريخ؟! هل يعقل أن من حرر الأندلس وفتح القسطنطينية، صار اليوم ينتظر ابتسامة من جلاده؟! كفانا ذلًّا وهوانًا.
كفانا ارتباكًا وتشتتًا وانبطاحاً.
إن ما فعله الرد الإيراني الصغير نسبياً كشف هشاشة هذا الكيان المدجج بالسلاح. اهتزّت إسرائيل، واهتزّ معها وهم التفوّق العسكري المطلق. فما بالكم لو توحّدت الأمة؟! لو عادت الشعوب إلى الله، واستفاقت القيادات من غفلتها، وتذكّرت أن فلسطين ليست فقط قضية، بل اختبار وجودي لهذه الأمة.

رسالتي إلى كل حاكم عربي:
لا أنتقدكم ولا أصيبكم بإساءة، بل أخاطب ما تبقّى في قلوبكم من نخوة، من رجولة، من إحساس بالمسؤولية. اجلسوا مع أنفسكم، أعيدوا قراءة التاريخ، وتذكّروا أن هذه الأمة كانت وما زالت قادرة على النهوض. والله، إن النصر قريب، أقرب مما تتوقعون، وهذا الكيان الغاصب الذي اسمه "إسرائيل" زائل، وكل المؤشرات تدلّ على أنه يعيش أيامه الأخيرة.

أذكركم: هذا شرف لن يتكرر، أن تكونوا أنتم من يعيد المجد لهذه الأمة، أن تذكر أسماؤكم في صحائف النصر، لا في قوائم العار. أنتم منًا وفينا.

ورسالتي الثانية إلى شعوبنا العربية والإسلامية:
عودوا إلى الله، أصلحوا ما بأنفسكم، فالنصر وعدٌ إلهي، لكنه مشروط بالتغيير الداخلي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم."

عودوا إلى قيم الإسلام الأولى: الشجاعة، العزة، الشهامة، المروءة، الحق، والعدل. لا تنتظروا القادة، بل كونوا أنتم المحرّك، أنتم البداية، أنتم التغيير. نحن أحفاد من لا يعرفون الهزيمة إلا إذا تخلوا عن الله. فعودوا إلى الله، وسترون النصر يمشي إليكم على قدميه.

أ.د.زياد ارميلي/ أستاذ جامعي

مواضيع قد تهمك