الأخبار

السفير محمد الكايد : منع الزيارة .. الاقوال والافعال

السفير محمد الكايد : منع الزيارة .. الاقوال والافعال
أخبارنا :  

قامت اسرائيل بمنع الوفد الوزاري العربي من زيارة مدينة رام الله للالتقاء بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو ما يشكل نقطة يجب التوقف عندها في محاولة لتفسيرها بعيدا عن الانتقادات المعتادة ومفردات الادانة التي ظل العالم العربي يستعملها في خطابه السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية منذ نشائها دون نتيجة تذكر.

ان ما قامت به اسرائيل يندرج تحت مبدا الافعال اقوى من الاقوال ، وان الفعل السياسي يفسر نفسه بنفسه دون الحاجة الى ايضاحات اعلامية او تحليلات استراتيجة او تسريبات صحفية. فقد عكس قرار المنع سياسة الحكومة اليمينية المتطرفة القائمة على رفض اي جهد لدعم اقامة الدولة الفلسطينية من الدول الاقليمية ، وكذلك رفض اسرائيل للمؤتمر الدولى المنوي عقده في نيويورك خلال الشهر الحالي لمناقشة حل الدولتين. كما يمكن تفسير القرار بانه تكريس لسياسة اسرائيل بفرض سيطرتها على الضفة الغربية وتقويض اي تحركات دبلوماسية تدعم السلطة الفلسطينية.

لم تكترث الحكومة الاسرائيلية باي محاولة لتفسير قرارها بمنع الزيارة ، ولم تشن حملة اعلامية لشرح موقفها من قرار المنع بل اكتفت بتسريبات قليلة مبهمة بان الموضوع استفزازي لدولة اسرائيل. وتركت التفسيرات والتحليلات والادانات لمتابعي القضية الفلسطينية سوءا في العالم العربي او بقية دول العالم. وبالرغم من ان مثل هذا القرار يمثل انتهاكا واضحا لكل القرارات الدولية الا ان الحكومة الاسرائيلية لم تكلف نفسها بشرحه او تبريره او حتى محاولة تسويقه بل تركت القرار يفرض نفسه على التحركات السياسية الاقليمية والدولية.

لا تعير اسرائيل اهتماما الى الانتقادات الاعلامية ولا يهمها ادانات صحفية ولا تحليلات استراتيجية بل جل ما يهمها هي الافعال التي تصدر عن الدول. وللتذكير كانت اسرائيل هي من طلبت وقف اطلاق النار في معركة الكرامة نتيجة الخسائر الفادحة التي تكبدتها ، وهي نفسها التي سارعت الى احضار الترياق لخالد مشعل عندما تم تهديدها بمعاهدة السلام من قبل الراحل الحسين طيب الله ثراه . وهي نفسها اسرائيل التي صارت تبحث عن دول اخرى لاجلاء الفلسطينين اليها بعد مقولة جلالة الملك لا للتهجير ولا للوطن البديل. وهناك حالات اخرى مع دول عربية رضخت فيها اسرائيل نتيجة الافعال القوية التي تم اتخاذها.

ليس المطلوب شن الحروب ولا الغاء المعاهدات ، بل يتوجب تقديم الاعمال على الاقوال التي اكل عليها الدهر وشرب والخاصة بالنزاع العربي الاسرائيلي. ويمكن للدول العربية ان تفعل الكثير في هذا الشأن بدلا من الردود الكلامية التي لا تفهمها اسرائيل اصلا. فقد اصبحت الردود العربية معروفة سلفا ، والمفردات المستعملة تم حفظها عن ظهر قلب ، وقرارات الجامعة العربية ارشيفا عربيا. لذا فان اللغة التي يتم مخاطبة اسرائيل بها يجب ان تتحول الى اللجوء الى استعمال الاوراق الكثيرة الرابحة التي بحوزة العالم العربي في المسارات السياسية والاقتصادية والامنية وترك البلاغات الخطابية والمواقف الاعلامية. وقد يقول قائل بانه ليس بمقدور العرب التاثير على اسرائيل في ضوء الدعم الدولي وبالاخص الامريكي لدولة اسرائيل وقد يكون هذا صحيحا ولكن وبنفس الوقت فان التاثير على اسرائيل قطعا ليس بالخطابات ولا بالتصريحات.

مواضيع قد تهمك