الأخبار

أ. د. اخليف الطراونة : بين منجزات الدولة وتوقعات المواطن: كيف نعزز الثقة؟

أ. د. اخليف الطراونة : بين منجزات الدولة وتوقعات المواطن: كيف نعزز الثقة؟
أخبارنا :  

يشهد الأردن مرحلة دقيقة من التحولات الداخلية، تقتضي قراءة جديدة للعلاقة بين المواطن والدولة. فرغم أن الدولة الأردنية، بقيادتها الهاشمية الحكيمة، حققت عبر مسيرتها إنجازات لافتة ومحترمة داخليًا وخارجيًا، فإن التحدي اليوم يكمن في الحفاظ على الثقة الشعبية وتجديدها بروح تشاركية حديثة.

لقد استطاع الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، أن يتجاوز ظروفًا إقليمية وعالمية شديدة التعقيد، محافظًا على أمنه واستقراره، ومكرّسًا نهج الاعتدال والانفتاح. فالبنية التحتية، والإدارة العامة، والتعليم، والرعاية الصحية، وخدمات الأمن، تشكل شواهد حية على ما تحقق من منجزات، بفضل الرؤية الملكية السديدة، والإيمان العميق بكرامة الإنسان الأردني.

ومع بروز جيل جديد من الشباب، أكثر وعيًا واتصالًا بالعالم، تتعاظم التوقعات تجاه الدولة. وهذا لا يُعدّ تقليلاً من قيمة ما تحقق، بل تعبيرًا صادقًا عن رغبة المواطن، خاصة الشباب، في أن يكون شريكًا حقيقيًا في صياغة الحاضر والمستقبل. وهنا تتجلى حكمة القيادة، ممثلة بجلالة الملك وولي عهده الشاب المحبوب، سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي جسّد طموحات الجيل الجديد، وأصبح رمزًا للأمل، والتجديد، والارتباط الوثيق بهموم الناس وتطلعاتهم.

إننا اليوم أمام ضرورة تعزيز عقد الثقة بين المواطن والدولة، ليس فقط عبر المشاريع والقرارات، بل من خلال تكريس الحوار والإنصات الجاد، وتقديم نموذج حقيقي للحكم الرشيد، حيث تتعزز العدالة، وتترسخ المسؤولية المتبادلة. المواطن يريد أن يُشعِر بأنه ليس مجرد متلقٍ للقرارات، بل شريك أصيل في صناعتها، وأن الكرامة ليست شعارًا بل ممارسة.

وما من شك أن إدارة التوقعات باتت تحديًا استراتيجيًا للحكومات، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية وارتفاع كلف المعيشة والبطالة. ولذلك فإن المقياس الحقيقي للثقة يكمن في قدرة الدولة على المبادرة والاستجابة، لا في الخطاب وحده، بل في الميدان حيث تلمس الناس أثر السياسات في تفاصيل حياتهم اليومية.

لقد أطلق جلالة الملك عبد الله الثاني، وبمتابعة حثيثة من سمو الأمير الحسين، حزمة من مشاريع التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، بوصفها فرصة تاريخية لإعادة بناء الثقة وتجديد العلاقة بين الدولة والمجتمع. غير أن نجاح هذه المشاريع يظل مرهونًا بمدى انعكاسها على حياة الناس، لا فقط في النصوص والأوراق، بل في المدارس، والحامعات،والمستشفيات، والأسواق، والمراكز الخدمية.

إن الدولة الأردنية، بقيادتها الهاشمية المتجذرة في التاريخ والشرعية، تمتلك من الأدوات والرؤى ما يجعلها قادرة على التجاوب مع التحولات، إذا ما أُتيحت للمواطنين فرص أوسع للمشاركة والتعبير. فالثقة لا تُصنَع في المؤتمرات، بل تُبنى في مؤسسات الخدمة العامة، وفي شفافية القرار، وفي مصداقية الأداء.

الرؤية الملكية تؤمن بأن تجديد العلاقة بين الدولة والمواطن لا يعني فقط سن قوانين جديدة، بل يتطلب فهمًا عميقًا لتحولات المجتمع، وإرادة سياسية صلبة تقود الإصلاح وتحتضن المشاركة، وتربط بين المسؤولية والسلطة، وبين القرار ونتيجته الفعلية على الأرض.

الأردن بلد عزيز، وشعبه وفيّ، ويستحق أن يرى نفسه في مرآة الدولة؛ في قراراتها، وسلوك مؤسساتها، ومقاييس عدالتها. وهذا هو جوهر ما يسعى إليه جلالة الملك وسمو ولي العهد الشاب: أن نرى أردنًا قويًا بمؤسساته، منفتحًا بقيمه، عادلاً في قراراته، متجددًا في نهجه، متصالحًا مع ذاته، وشريكًا أمينًا لمواطنيه.

هذا هو الطريق الأقصر نحو المستقبل، والأكثر أمنًا نحو الاستقرار، والأصدق في التعبير عن الدولة التي نؤمن بها جميعًا

مواضيع قد تهمك