الأخبار

ابراهيم عبد المجيد القيسي : الزراعة المستدامة أهم اختباراتنا الأردنية الحقيقية

ابراهيم عبد المجيد القيسي : الزراعة المستدامة أهم اختباراتنا الأردنية الحقيقية
أخبارنا :  

حين يستمر خطاب النضالات التي تنادي بتحقيق السيادات الوطنية، برؤاها، ومصطلحاتها، وأفكارها القديمة، فيمكن ان نعتبرها وجهة نظر، ونحترمها، لكن حين تبدو الفكرة والرؤية والنضالات من هذا النوع، قديمة، خشبية، لا تراعي الحقيقة ولا تراها، فهي تصبح تخلفا، ونمطية في التفكير غير منتجة وغير محمودة.. ومعنى الكلام أن الدنيا والظروف والواقع.. كلها تغيرت، حتى الطبيعة نفسها، تتغير، وحين نتناول موضوع الزراعة في الأردن، فالمقدمة تصبح واضحة بالنسبة للتائهين..
من بين الأفكار والمطالبات من النوع التقليدي وغير المنتج، زراعة القمح في الأردن، وقبل ان أذكر ما أعرفه حولها، دعوني أطالب المناضلين اولا (هل تقوم الدولة والحكومات بمنع الناس من زراعة القمح والشعير وغيره؟)، و(هل يعلم هؤلاء بأن الدولة ملتزمة بدعم مزارعي القمح، وتشتري القمح المحلي من المزارع الأردني بأضعاف سعره العالمي، رغم قلة جودته مع كثير من الانواع المستوردة؟!).. ولماذا لا يقول هؤلاء بأن الأراضي التي تصلح لزراعة القمح اختفت، وتمدد العمران ابتلعها؟.. وحسن نعتقد أن قراراتنا المحلية سبب في تراجع انتاجنا من القمح، فهل نعرف ما هي الأسباب؟
تالياً بعضها:
هناك دول في العالم تتمتع بوفرة مائية طبيعية (أمطار وأنهار)، تزرع القمح زراعة مرويّة و(ليست بعلية مثلنا)، وقررت هذه الدول منذ عقود أن يغزو قمحها أسواق العالم، وتمكنت من ترويجه بسعر منافس وبجودة عالية.. فهل يمكن لدولة فقيرة ماليا، سيكلفها أكثر من 1000 دينار، انتاج طن واحد من القمح بزراعة مروية، هل يمكنها أن تنافس دولة تنتج قمحا أكثر جودة، وسعر الطن الواحد لا يبلغ 400 دينار؟.. أم يريد هؤلاء ان تقوم الدولة بمنع استيراد القمح النظيف الرخيص، وترك المواطن يشتري منتجات طحين القمح بأسعار فلكية.. يعني هل يريدون أن نعتمد غلى انتاجنا الداخلي ليصبح ثمن رغيف الخبز بنصف دينار؟..
مثال القمح، وتساؤلاته، تكشف لكل ذي عقل وعين أن «النضالات والمعارك» التي تتهم الدولة وحكوماتها، بانصياعها لإملاءات خارجية لهجر زراعة القمح، لاستيراده من تلك الدول، هي محض طحن للريح، وتناقض وحديث غير علمي ولا دقيق.. وكمثال القمح، ثمة الكثير من الانطباعات والنضالات والتفكير في ثقافتنا الزراعية، تدور في مدارات بعيدة جدا عن الحقائق، وعن الممكن المتاح في بلد يعاني فقرا مائيا، وألف تحد طبيعي ودولي غيره..
طريقة تفكير وأداء الحكومات في القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة، واقعية، علمية، تبحث عن «الصمود وعدم هجر الأرض» بالنسبة للمزارع، وعن السعر المناسب بالنسبة لغذاء المواطن، وعن «الجدوى» الاقتصادية بالنسبة للتاجر والمستثمر، وما زالت التشريعات الأردنية، حريصة على المعادلة التي تتعلق بهذا الثالوث (مزارع، مستهلك، تاجر أو مستثمر)، وكذلك خطط وأفكار وزارة الزراعة، ومنجزاتها في هذه السنوات، هي في حقيقتها ثورة تنموية شاملة، محسوبة (بالرقم والتوقيت)، اي انها حريصة على استدامة البركة والخير بالنسبة للمزارع، والمائدة الغذائية المعقولة بالنسبة للمواطن، والربح المنطقي بالنسبة للتاجر، وضمن هذه العملية، تم بناء ثقافة تنموية عابرة للقطاعات (زراعة وتجارة وصناعة ومياه، وتكنولوجيا، وعمل وكفاءات)، حيث يقود وزير الزراعة المهندس الحنيفات، بصمت رغم كل هذه الجلبة الزاخرة «بسقط الكلام والتفكير»، وينفذ خططا وطنية تحت إشراف ومتابعة الدولة وقيادتها وعقولها وحكوماتها، فالرجل لا يعمل بلا رقابات، ولا يستأثر بموقع، ولا يتحدث مقارنة بما يملك من نتائج وإنجازات على صعيد التطوير والتغيير في هذا المجال.. علما أن العمل يحتاج لوقت أطول كي نلمس كل نتائجه، لكننا نلاحظ الكثير من النتائج المدهشة والنجاحات الباهرة، ونحن ما زلنا في مرحلة تدشين البنية التحتية، لقطاع زراعي صناعي تجاري «استراتيجي ديناميكي» مستدام.

مواضيع قد تهمك