أ. د. اخليف الطراونة يكتب : ومضة تعليم .. تأخير الدوام في الطقس البارد: ضرورة أم مبالغة؟

مع انخفاض درجات الحرارة في الأردن، يتجدد الجدل حول ضرورة تأخير دوام المدارس والمؤسسات العامة والخاصة حتى الساعة العاشرة صباحًا، وتحويل محاضرات طلبة الجامعات بعد الساعة الثالثة عصرًا إلى التعليم عن بعد. فهل هذا القرار مبرر من الناحية الأكاديمية والصحية؟ وهل تطبّق الدول الأخرى إجراءات مماثلة؟
أولًا: هل تأخير الدوام ضروري؟
من منظور تربوي وأكاديمي، هناك عدة أسباب تدعم تأخير الدوام في الأيام شديدة البرودة، منها:
1. السلامة والصحة العامة: انخفاض درجات الحرارة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل نزلات البرد وأمراض الجهاز التنفسي، خاصة للأطفال وكبار السن. كما أن تشكل الصقيع والضباب الكثيف قد يزيد من مخاطر الحوادث المرورية.
2. تحسين الأداء والتركيز: الطقس البارد جدًا في الصباح الباكر قد يؤثر على يقظة الطلبة وقدرتهم على التركيز، مما ينعكس سلبًا على التحصيل الدراسي.
3. تقليل الازدحام والمخاطر المرورية: تأخير الدوام قد يساهم في تجنّب ذروة الازدحام الصباحي وتقليل الحوادث الناجمة عن الطرق الزلقة.
أما فيما يخص الجامعات، فإن تحويل المحاضرات المسائية إلى التعليم عن بعد قد يكون خيارًا عمليًا، خاصة للطلبة الذين يواجهون صعوبة في التنقل خلال ساعات الليل الباردة.
ثانيًا: كيف تتعامل الدول دات الطقس البارد مع هذه الظروف؟
في العديد من الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية، لا يتم عادةً تأخير الدوام أو إغلاق المدارس لمجرد أن درجات الحرارة انخفضت إلى الصفر المئوي. ومع ذلك، هناك استثناءات عندما تصبح الظروف الجوية خطرة.
• في الولايات المتحدة وكندا، يتم تعليق الدراسة أو التحول إلى التعليم عن بعد فقط عندما تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات متطرفة (أقل من -20 مئوية، مع تأثير الرياح)، أو عند حدوث عواصف ثلجية تعيق التنقل.
• في ألمانيا والدول الإسكندنافية، يستمر الدوام حتى في درجات حرارة تصل إلى -15 مئوية، حيث يتم تجهيز المدارس بأنظمة تدفئة قوية، ويتم تشجيع الطلبة على ارتداء ملابس مناسبة للطقس البارد.
• الإغلاق المؤقت أو التعليم عن بعد يحدث فقط عندما تشكل الظروف الجوية خطرًا مباشرًا، مثل تراكم الثلوج بكثافة أو انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات تؤدي إلى قضمة الصقيع خلال دقائق من التعرض لها.
ثالثًا: هل التأخير مبرر في الأردن؟
على الرغم من أن الأردن لا يشهد درجات برودة كتلك المسجلة في الدول الإسكندنافية أو أمريكا الشمالية، إلا أن هناك فروقًا كبيرة يجب أخذها بعين الاعتبار:
1. البنية التحتية والتدفئة: في حين أن المدارس في الدول الباردة مجهزة بأنظمة تدفئة فعالة، فإن العديد من المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة في الأردن تفتقر إلى التدفئة الكافية، مما يجعل الجلوس في الصفوف الباردة صعبًا على الطلبة والمعلمين.
2. مستوى التأقلم: الطلبة في الدول الباردة معتادون على الطقس القارس، بينما في الأردن، انخفاض درجات الحرارة إلى الصفر قد يكون غير مألوف ويؤثر بشكل كبير على الروتين اليومي.
3. وسائل النقل: في الدول المتقدمة، وسائل النقل العام والحافلات المدرسية مجهزة لمواجهة الظروف الجوية القاسية، بينما في الأردن، قد تؤدي الطرق الزلقة والصقيع إلى زيادة مخاطر الحوادث.
في الختام ،تأخير الدوام حتى الساعة العاشرة صباحًا قد يكون قرارًا منطقيًا في الأردن خلال الأيام شديدة البرودة، نظرًا لاختلاف البنية التحتية وظروف التأقلم مع الطقس البارد مقارنة بالدول الأكثر برودة. أما تحويل المحاضرات المسائية في الجامعات إلى التعليم عن بعد، فقد يكون حلًا عمليًا، بشرط ألا يؤثر على جودة التعليم وتفاعل الطلبة.
ما رأيكم؟ هل تؤيدون هذا القرار أم تعتقدون أن الأمر مبالغ فيه؟ شاركونا آراءكم في التعليقات!
مع خالص احترامي وتقديري للجميع