تُصر المقاومة الفلسطينية على إسقاط نتنياهو، وهو بوضع لا يحسد عليه: لا مع ستي بخير ولا مع سيدي، تركبه حالة إرباك، بين ضغوط عائلات الأسرى الاسرائيليين، وبين جموح الحلفاء المتطرفين، واقع في «حيص بيص».

مضطر لأن يناور على حلفائه، حتى لا تسقط حكومته، وإن سقطت سيقدم للمحاكمة على خلفية «التقصير»، ولهذا يعمل ويشقى على البقاء في رئاسة الحكومة لأطول فترة زمنية، لعله يشطب تشكيل لجنة التحقيق ويخرج من حالة الإخفاق والفشل، نحو الإنجاز والنجاح.

يعمل على قاعدة التبادل لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بعد أن فشل في إطلاق سراحهم بالقوة بدون أن يدفع ثمن إطلاق سراح الفدائيين «الملطخة أياديهم بدماء الإسرائيليين».

ولكنه لا يعرف من أين تأتيه «اللطمات» من المظاهرات، أو من قادة الأجهزة الأمنية والعسكر، الذين لا يقرون له باستمرار الحرب، أو من حنكة «العدو» المفاوض، الصاحي، الصلب الذي صمد، بعد أن وجه له «لطمة» السابعة من أكتوبر، أو تأتيه من ألاعيب الإجراءات الإدارية التنظيمية الإعلامية التي تشعر المراقب على حُسن الأداء والترتيب خلال عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر، أو تأتيه من المقاتلين البواسل الفلسطينيين الأسرى الذين يخرجون من الأسر والاعتقال، يخرجون بمظاهر الفرح رغم الألم والقمع الذي تعرضوا له، رافعين شارة النصر، واحتفالات عائلاتهم بعودة الذين قضوا سنوات طويلة من اعمارهم في معتقلات العدو ، وخرجوا بكرامة مرفوعي الرأس.

وأخيراً وليس آخراً تأتيه اللطمة الأوجع من الأسرى الإسرائيليين، الذين يُطلق سراحهم بهدوء وفرح، يلوحون بأياديهم للجمهور الفلسطيني، مودعين، كأصدقاء، لا كأعداء، وزيادة على ذلك يندفع أحد الأسرى الإسرائيليين ويبادر و»يبوس» رأس حارسه بل مرافقه الفلسطيني.

أحدهم كان يصطاد السمك في بحر النهار مع حارسه، وأحدهم مع رفيقه يطوف على أشجار الزيتون المعمرة المحروقة بنيران جيش بلاده المستعمرة، ويطالب بعودة الذين أتوا من خارج فلسطين، ليعودوا إلى بلادهم الذين رحلوا منها وسكنوا بيوت الفلسطينيين المشردين من اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع.

فعلاً شيء يغيظ، تدفع نتنياهو ليخرج عن اتزانه، وها هو احتجاجاً على سلوك حركة حماس الحضاري يُعيد الأسرى الفلسطينيين إلى سجونهم، ويُطالب بعدم استغلال واستثمار وتوظيف الأسرى الإسرائيليين، لتمرير الرواية الفلسطينية، والسلوك الفلسطيني العربي الإسلامي في التعامل مع أسرى عدوهم، باحترام، بشكل إنساني راقٍ، حتى ولو كانوا من قوات العدو.

نتنياهو سيموت بغيظه والفلسطيني سيعيش بكرامته وحريته وسيعود إلى بلده. ــ الدستور