صالح الراشد يكتب : البيض بالصواريخ..!!

صالح الراشد
طبخة جديدة لا يوجد مثيل لها في كتب الطبخ ولا البرامج المنتشرة في الفضائيات لتعليم فنون الطهي، هي طبخة سياسية حديثة تمثل السياسات الغربية القديمة القائمة على استغلال حاجة الآخرين لإجبارهم على تقديم ما لديهم للمحتل الجديد، إنها الطبخة الأوكرانية الأمريكية التي فاقت في تأثيرها على واشنطن جميع المقاطعات العربية والإسلامية لشركات الغذاء الأمريكية، طبخة إسمها "البيض بالصواريخ"، وتقوم هذه الاتفاقية على أن تقدم كييف البيض للشعب الأمريكي مقابل استمرار دعم واشنطن العسكري لأوكرانيا في حربها مع روسيا، لا سيما أن سعر البيض ارتفع في الولايات المتحدة لأكثر من نصف دولار للبيضة الواحدة بسبب انتشار إنفلونزا الطيور وموت ملايين الدجاج.
بدوره يبحث البيت الأبيض عن طبخة أخرى لا شأن لها بالطعام، فتاجر واشنطن يريد استرداد الأموال التي أنفقتها بلاده على دعم أوكرانيا في الحرب والتي تجاوزت ثلاثمائة مليار دولار بفوائدها البنكية، وجميع البيض في أوكرانيا وما حولها لن يصل لجزء بسيط من هذا المبلغ، لتشعر واشنطن ان عرض البيض مجرد حركة غبية من إدارة كييف حتى وإن جاء العرض بطريقة هزلية، ليظهر مدى قصر نظر الإدارة الأوكرانية في إدارة المعارك الاقتصادية الناجمة عن معاركها مع روسيا، لتكون محاولة مقايضة خوفهم على طعام الشعب الأمريكي بأنه يعادل مقايضة خوف الادارة الأمريكية على أمان أوكرانيا رسالة ناقصة كونها حملت شعار "منا البيض ومنكم الصواريخ".
وتصمم واشنطن على أنها لا تريد البيض حيث يمكن للشعب الأمريكي الحياة بدونه، لكنه لا يمكنه العيش دون المعادن النادرة والنفيسة الموجودة تحت الأراضي الأوكرانية وهذه هي التي تُشبع رأس المال الأمريكي، ومنها الليثيوم، والبريليوم، والمنغنيز، والغاليوم، والزركونيوم، والغرافيت، والأباتيت، والفلوريت، والنيكل، واللانثانوم والسيريوم والسكانديوم والنيوديميوم، وهذه المواد جزء اساسي في بناء الصناعات الحديثة من بطاريات السيارات الكهربائية والهواتف النقالة والمفاعلات النووية وصناعة توربينات الرياح والصناعات الدفاعية وقطاع الفضاء والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى الإربيوم والإيتريوم، اللذين يتم استخدامهما في الطاقة النووية وتقنيات الليزر، وتملك أوكرانيا كميات مهولة من الفحم والغاز والنفط، مما يجعل عرض البيض مجرد فيلم هزلي كتلك الأفلام التي كانت من بطولة رئيس أوكرانيا الممثل زيلينسكي.
وتعتبر واشنطن أنها قدمت لأوكرانيا الغالي والنفيس بدعهما بالمال والعتاد العسكري وتريد مقابل مناسب وغالي ونفيس ولا يوجد أغلى من العناصر النادرة، والمعروف أن واشنطن لا تقدم شيء بالمجان فدول الخليج وبعد أكثر من ربع قرن على حرب الخليج لا زالت تدفع فاتورة تدخل القوات الأمريكية لتدمير العراق، بل ان النفط العراقي لا زال تحت سيطرة الإدارة الأمريكية، لذا فان ما تطلبه واشنطن من كييف ليس بالأمر الغريب بل هو أمر طبيعي في السياسة الأمريكية القائمة على شعار لا خدمات مجانية لأحد، ليكون أمام الحكومة الأوكرانية أحد حلين فإما أن تُسلم ما تحت الأرض للولايات المتحدة أو تتعايش مع روسيا فوق الأرض، فماذا تختار كييف.؟
آخر الكلام:
ما تقوم به الولايات المتحدة من إعلانها عن رغبتها بسرقة المعادن النادرة والثمينة من أوكرانيا ليس بالشيء الجديد، فقد سبقتها فرنسا وسرقت أكثر من ألفي ونصف طن من ذهب أفريقيا وبالذات مالي التي يتواجد بها ثمانمائة منجم للذهب فيما لا يوجد في فرنسا أي منجم ذهب.