د. صلاح العبادي : اجتماع «القاهرة».. قوّة لموقف عربي دعماً للقضيّة الفلسطينيّة
جاء اجتماع القاهرة يوم أمس بمشاركة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجيّة وشؤون المغتربين أيمن الصفدي بمشاركة وزراء خارجيّة كلٌّ من الإمارات والسعودية وقطر ومصر وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين عام جامعة الدول العربية، لمناقشة أبرز مستجدات القضيّة الفلسطينيّة.
هذا الاجتماع له أهميّة كبيرة، خصوصاً لما تستدعيه المرحلة الحاليّة من مستجدات تتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، وضمان إنسيابيّة دخول المساعدات الإنسانيّة والإغاثيّة والطبيّة للقطاع، على نحو يضمن مقومات الحياة لأهالي قطاع غزّة الذي يزيد عدد قاطنيه عن مليوني نسمة.
هذا الاجتماع جاء بتوقيتٍ في غاية الأهمية، بعد يومٍ واحد من إعادة فتح معبر رفح الذي كان قد أغلق في شهر أيار من العام 2024؛ جرّاء العملية العسكريّة الإسرائيلية واسعة النطاق في القطاع، وأُعيد فتحهِ من جديد في اليوم الرابع عشر من بدء سريان الهدنة في القطاع، ضمن ترتيباتٍ تهدف إلى تنظيم حركة المرور من خلالهِ، بما يضمن استمراريتها دون توقف.
المرحلة تتطلب وحدة الصّف العربي، تجاه القضيّة الفلسطينيّة، دعماً لصمود أهالي القطاع، وتثبيتهم على أرضهم، من خلال توفير متطلبات الحياة الكريمة لهم، واتخاذ موقف حاسم يعبر عن رفض عربي تجاه مخطّطات تصفية القضيّة.
هذا الاجتماع الوزاري جاء في ظل دعوات أميركية وإسرائيلية، لاستقبال مصر والأردن سكاناً من قطاع غزّة، وهي الدعوات التي رفضتها الدولتان بشكل قاطع. عمّان والقاهرة رفضتا هذهِ الفكرة منذ أمدٍ بعيد وهو الرفض الذي تجدد حالياً مع «ثنائية» الطرح الأميركي الإسرائيلي.
ما يخشاه الأردن ومصر من خطورة هذا الطرح، هو الأمر الذي تخشاه دولٍ كثيرة إذا ما كانت هي المستهدفة لتكون وجهة للمهجرين!
موقف الأردن راسخ من القضيّة الفلسطينيّة بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ونيل حقوقهم المشروعة، وإقامة دولتهم المستقلّة عند خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، من خلال تنفيذ حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعيّة الدوليّة ذات الصلة، وهو سبيل تحقيق الأمن والسلام لينعم به الجميع في المنطقة.
أهمية الاجتماع الوزاري تنطلق من وحدة الصف العربي تجاه استمرارية وقف إطلاق النار، وايصال المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
الموقف العربي تجاه القضيّة واضح، ويتمثل بضرورة إيصال المساعدات الكافية إلى قطاع غزة والحيلولة دون تهجير الفلسطينيين، فلا دولة عربيّة يمكن أنّ تسجّل على نفسها بأنها ساهمت في تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، وسهلت تهجير الفلسطينيين عن أرضهم. الاجتماع الوزاري هو استمرارية لدور المملكة الأردنيّة الهاشميّة، من أجل بذل كل ما لديه من جهد لإيجاد الأفق السياسي الحقيقي لسلام عادل وشامل يوفر الأمن والاستقرار للمنطقة برمتها، والتي ما تزال هذه القضيّة تلقي عليها بظلالها عبر عقود من الزمن، جرّاء غياب الحل العادل.
كما أنّ هذا الاجتماع جاء في وقت استشعر فيه قادة وزعماء الدول العربية خطورة هذه المرحلة التي باتت في توقيت حرج، لاسيما مع الطروحات «الثنائية» المتعلقة بالتهجير، وإنعكاساتها الخطيرة على أمن منطقة الشرق الأوسط. وكذلك ضمان إيصال المساعدات الإنسانيّة الكافية والمستدامة إلى جميع أنحاء القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانيّة غير مسبوقة، جرّاء فقدان أبسط مقومات الحياة في القطاع المنكوب؛ ولإجهاظ أي مخططات تحاك ضد تصفية القضيّة الفلسطينيّة. ــ الراي