الأخبار

حمادة فراعنة يحلل المرحلة الثانية من الهدنة في غزة: المصالح، الصراعات، والتوقعات المستقبلية

حمادة فراعنة يحلل المرحلة الثانية من الهدنة في غزة: المصالح، الصراعات، والتوقعات المستقبلية
أخبارنا :  

مقدمة

في حلقة خاصة من برنامج "نبض البلد”، تم تسليط الضوء على المرحلة الثانية من الهدنة في غزة، وما تحمله من تحديات وصراعات بين الأطراف المختلفة. استضاف البرنامج المحلل السياسي والكاتب حمادة فراعنة، والمحلل السياسي عمر رحال من رام الله، حيث ناقش الضيفان الأبعاد السياسية والعسكرية للهدنة، مواقف الأطراف المختلفة منها، ومدى إمكانية استمرارها.

تطرق الحوار إلى عدة محاور رئيسية، أبرزها: من المستفيد من الهدنة؟ ومن يسعى إلى خرقها؟ وما هو موقف الولايات المتحدة من الصراع؟ وكيف تؤثر التغيرات الداخلية في إسرائيل على مستقبل المعركة؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة لغزة في المرحلة المقبلة؟

الهدنة: بين المصالح والتحديات

استهل حمادة فراعنة حديثه بالتأكيد على أن الحملة الإسرائيلية على غزة، رغم شدتها، لم تحقق أهدافها الرئيسية، وهي:
1. تحرير الأسرى الإسرائيليين بالكامل، حيث لم تتمكن إسرائيل من تحديد أماكن جميع الأسرى رغم اجتياحها البري لغزة.
2. اجتثاث المقاومة الفلسطينية، وهو الهدف الذي فشل الاحتلال في تحقيقه رغم التدمير الواسع للقطاع.

وأوضح فراعنة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن يرغب في الهدنة، لكن اضطر إليها بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، خاصة أن استمرار الحرب دون تحقيق نتائج ملموسة يُعرّض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخطر تشكيل لجنة تحقيق قد تطيح به، كما حدث مع غولدا مائير بعد حرب 1973، ومناحم بيغن بعد اجتياح لبنان عام 1982.

كما أشار إلى أن هناك صراعًا داخليًا حادًا داخل إسرائيل بين:
• نتنياهو واليمين المتطرف (بن غفير وسموترتش)، الذين يسعون لاستمرار الحرب وإعادة المستوطنات إلى غزة.
• المؤسسة العسكرية، التي ترى أن الجيش الإسرائيلي استنفد قدراته في المعركة، حيث يعتمد بشكل كبير على قوات الاحتياط التي تعاني من الإرهاق، مما دفع بعض القادة العسكريين إلى الاستقالة، مثل رئيس الاستخبارات العسكرية وقائد المنطقة الجنوبية.
• المعارضة الإسرائيلية، التي تؤيد استعادة الأسرى لكنها ترفض استمرار الحرب دون استراتيجية واضحة.

وأكد فراعنة أن هناك ضغوطًا كبيرة على الحكومة الإسرائيلية من عائلات الأسرى، الذين يطالبون بالإسراع في التفاوض لضمان عودة ذويهم. كما لفت إلى أن الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، مثل "شاس”، بدأت علنًا تطالب نتنياهو بمواصلة التفاوض وإتمام المرحلة الثانية من الصفقة.

الموقف الأمريكي: بين المصالح الاقتصادية وإدارة الأزمة

أوضح حمادة فراعنة أن الولايات المتحدة، وخاصة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لعبت دورًا رئيسيًا في فرض الهدنة، حيث أرسل ترامب مستشاره لشؤون الشرق الأوسط للضغط على إسرائيل لوقف الحرب.

وأضاف أن ترامب كرجل أعمال يهتم بالمصالح الاقتصادية أكثر من القضايا السياسية، ولذلك يسعى لإنهاء الحروب، سواء في فلسطين أو أوكرانيا، من أجل إعادة التركيز على الاقتصاد الأمريكي في ظل المنافسة مع الصين، التي أصبحت ثاني أكبر اقتصاد عالمي.

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية لا تبحث عن حل نهائي للصراع، بل عن إدارة للأزمة، حيث تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة من خلال تقديم حلول مؤقتة تحقق مصالحها، مثل تعزيز اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.

كما لفت إلى أن ترامب قد يستخدم الهدنة كورقة ضغط على الفلسطينيين، لإجبارهم على تقديم تنازلات سياسية، سواء فيما يتعلق بمستقبل غزة أو بمسار المفاوضات مع إسرائيل.

المقاومة الفلسطينية: القدرة على المناورة

رغم الدمار الهائل الذي تعرض له قطاع غزة، إلا أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تملك أوراقًا قوية، حيث نجحت في فرض شروطها خلال المرحلة الأولى من الهدنة، وأثبتت أن الاحتلال لم يتمكن من شل قدراتها العسكرية بالكامل.

وأشار فراعنة إلى أن الاحتلال، رغم استهدافه للقيادات العسكرية والسياسية في حماس، لم يتمكن من تحقيق "نصر حاسم”، كما أن استمرار عمل الأنفاق وتدفق الإمدادات العسكرية يدل على أن المقاومة لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات نوعية.

كما أوضح أن الجيش الإسرائيلي يواجه معضلة حقيقية، حيث لم يعد لديه الكثير ليقوم به بعد أن احتل معظم أنحاء غزة، ومع ذلك لم ينجح في إنهاء المقاومة.

سيناريوهات اليوم التالي لغزة

طرح حمادة فراعنة ثلاثة احتمالات رئيسية لمستقبل غزة بعد انتهاء الهدنة:
1. إقامة إدارة مدنية فلسطينية جديدة، وهو خيار غير مرجح بسبب غياب توافق داخلي عليه.
2. عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة كما كانت قبل 2007، وهو خيار ممكن لكنه يتطلب اتفاقًا بين حماس وفتح.
3. استمرار حكم حماس للقطاع، وهو السيناريو الأكثر احتمالًا، حيث يرى الاحتلال أن بقاء حماس في غزة يخدم مصالحه من خلال استمرار الانقسام الفلسطيني.

وأوضح أن نتنياهو نفسه سبق أن دافع عن نقل الأموال إلى غزة عبر قطر، لأنه يرى أن استمرار وجود حماس في القطاع يمنع قيام دولة فلسطينية موحدة، وهو ما يتماشى مع أهداف اليمين الإسرائيلي.

موقف عمر رحال: الحاجة إلى وحدة فلسطينية

من جانبه، أكد عمر رحال أن أكبر تحدٍّ يواجه الفلسطينيين هو الانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007، والذي يضعف موقفهم السياسي ويمنح الاحتلال مبررات لرفض التفاوض مع القيادة الفلسطينية.

وأضاف أن الاحتلال يستغل هذا الانقسام ليقول للعالم إنه "لا يوجد شريك فلسطيني”، وهو ما تستخدمه بعض الدول الغربية كذريعة لتأجيل الضغط على إسرائيل.

وشدد رحال على أن الفلسطينيين بحاجة إلى اتفاق سياسي يعيد توحيد صفوفهم، لأن استمرار الصراع بين الفصائل يضعف موقفهم الدولي، مؤكدًا أن الانقسام الفلسطيني هو أحد العوامل التي ساهمت في استمرار الاحتلال وتعقيد الحلول السياسية.

كما أشار إلى أن ترامب قد يستخدم المفاوضات الحالية للضغط على الفلسطينيين ودفعهم إلى تقديم تنازلات، مثل القبول بتوطين اللاجئين في أماكن أخرى بدلًا من المطالبة بحق العودة.

الخاتمة

في ختام الحلقة، أكد الضيفان أن استمرار الهدنة يعتمد على عدة عوامل، منها الصراعات داخل إسرائيل، والموقف الأمريكي، ومدى قدرة المقاومة على فرض شروطها. كما شددا على أن الفلسطينيين مطالبون اليوم بتجاوز الانقسامات والعمل على تحقيق وحدة وطنية حقيقية، حتى لا يكون مستقبلهم بيد الأطراف الخارجية.

وأشار حمادة فراعنة إلى أن إسرائيل قد تستغل المرحلة الثانية من الهدنة لإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية قبل اتخاذ قرار بشأن مستقبل الحرب، في حين يرى عمر رحال أن الفلسطينيين يجب أن يستغلوا هذه الفرصة لتوحيد جهودهم ووضع استراتيجية واضحة لمواجهة التحديات المقبلة.
https://youtu.be/YeOILHjQ-F4?si=0zM0RAAUTPJiHpQW

مواضيع قد تهمك