الأخبار

د محمد كامل القرعان : هل انتصر الإعلام العربي على الإسرائيلي والغربي غزياً؟

د محمد كامل القرعان : هل انتصر الإعلام العربي على الإسرائيلي والغربي غزياً؟
أخبارنا :  

واجه الإعلام العربي الاعلام الإسرائيلى والغربى صعوبة فى بداية الحرب على قطاع غزة أمام الماكينة الإسرائيلية والغربية التى كانت تحاول دائما أن تسوق لتلك الرواية الإسرائيلية على حساب الرواية الفلسطينية، ومحاولات إسرائيل تزوير القضية الفلسطينية، وتزوير الرواية الحقيقية، ولكن استمرارية العمل الصحفي فى قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة، ودعم الإعلام العربى لها فى كل المحافل، كان له أثر كبير على نقل الرواية الفلسطينية بكل تفاصيلها.

وحاول الإعلام الغربى تصوير الشعب الفلسطينى على أنهم هم الجناة الذين يملكون الطائرات والدبابات التى تقصف وتقتل، ومحاولة مغايرة لما يحدث على أرض الواقع، وتحويل الاحتلال الذى يقتل ويشرد على مدار أكثر من 75 عاما على أنه ضحية، وذلك من خلال اتساق هذا الإعلام الغربى مع الرواية الإسرائيلية وترويح كل ما يخرج عن الإعلام والمسؤولين الإسرائيليين، ومحاولة تصوير الفلسطينيين على أنهم داعشيون، وربط النضال الفلسطينى بالإرهاب العالمي، ومحاولة تصوير إسرائيل على أنها تدافع عن نفسها وتبرير تلك الجرائم الإسرائيلية.

وشرع الإعلام الغربى والأمريكي تحديدا بتوظيف قنواته وصحافته لتبرير حرب الإبادة الجماعية التى شنتها قوات الاحتلال على غزة، في حشد الرأى العام لتأييد السردية الإسرائيلية الزائفة و الترويج للمظلومية الصهيونية وعدم التأثر بالمجازر التى يرتكبها الأحتلال ضد الفلسطينيين فى القطاع.

واراد الجانب الإسرائيلى تغييب الصوت الفلسطيني وقتله من خلال اغتيالات طالت الصحفيين فى غزة ومنازلهم وعائلاتهم ولكن هذا لم يجعل هناك نقطة تراجع لدى الصحفي العربي والفلسطيني، بل على العكس تماما كان دائما يصر على إيصال هذه الرسالة، بإرادة وعزيمة حديدية، حتى أصبح هناك وضوح فى الرواية الفلسطينية رغم الهجوم الإسرائيلى عليها بشكل دائم، وهناك حقائق وصور تخرج إلى العلن ونحن نشهد عبر الجماهير الشعبية فى كل دول العالم تأييدا ودعما واضحا للقضية الفلسطينية.

وحاول هذا الاعلام تبرير ما تفعله إسرائيل من دمار في غزة بانه (دفاع عن نفس)، وجريمة التطهير العرقى بأنها «حرب على غزة» دون الإشارة إلى أى جرائم للاحتلال ترتكب هناك، وتعمدت هذه الوسائل نشر فيديوهات، وفبركتها، إلا أن الإعلام العربى عامة والأردني خاصة كانت له كلمة وصورة أخرى، استطاع من خلالها نقل الحقيقة وكشف زيف تلك الرواية الغربية، وأيضا كشف ازدواجية الإعلام الغربى الذى ادعى كثيرا الحيادية والشفافية إلى أن جاءت أحداث غزة لتكشف حقيقته.

ومن خلال متابعة التغطية الصحفية على عدد من المواقع والقنوات الإعلامية والصحف الغربية والأمريكية تارة أخرى، ومن خلال تصفح عدد من الأخبار التى نشرت في هذه الوسائل نجد أيضا وصف جرائم الإبادة للاحتلال بغزة بـحرب إسرائيل على غزة، دون الإشارة إلى جريمة أو مذبحة أو مجزرة او انتهاك او تعدي، ونجد أن تلك الوسائل وصفت عملية طوفان الأقصى تارة بـالهجوم الإرهابى وتارة، بالعملية إرهابية وهجوم دموي، بجانب وصف الشهداء الفلسطينيين من النساء والأطفال والشيوخ بـالقتلى والتعامل معهم مجرد أرقام.

وبهذا فقد شهد هذا الاعلام سقوطا مدويا وفاضحا، حول العديد من الممارسات غير الأخلاقية، ولم يكتف الأمر بهذا الحد، بل أيضا وصل إلى نشر الشائعات والأكاذيب وتزيف الحقائق والأرقام، التى بدأ عدد من قادة الدول الغربية يروجون لها على نطاق واسع، وتنصل هذا الاعلام من مسؤوليته وتخلى عن مهنيته بتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلى أثناء اقتحامه للمستشفيات وتدميره للمدارس واستهدافه للمدنيين العزل واستهداف قوات الاحتلال للطواقم الطبية ولصحفي الجزيرة وغيرهم والمتحدثين باللغة العربية التى شنها جيش الاحتلال.

ولم يكتف بهذا القدر من التجني والانحياز بل تجاوزها بإحالة عدد من الصحفيين العاملين في مكاتبها بالمنطقة مثل هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) القسم العربي وفصل صحفييها العرب فى مكتبى القاهرة وبيروت وتحويلهم إلى التحقيق الإدارى، بالتزامن مع إيقاف التعامل مع صحفين مستقلين بسبب انحيازهم لفلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومع استمرار هذا التحيز مع الرواية الإسرائيلية ودفاعه عن مجازرها، اقدم عدد من الصحفيين العرب العاملين في محطات إعلامية غربية على الاستقالة من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ورويتر وغيرها، نتيجة لعدم عرض التقارير التي يقومون ببثها لما يحدث للشعب الفلسطيني.

وبالتالي نجح الإعلام العربى من دحض الرواية الإسرائيلية وزيفها الذي لم تغط بغربال ومحاولة تضليل الرأي العام العالمي.

ووثق الإعلاميين العرب والفلسطينيين بالصوت والصورة الجرائم والمجازر الإسرائيلية باستهداف المدنيين والأطفال والمنشآت المدنية والتعليمية والطبية والمستشفيات ووثق أيضا روايات الأطباء حول قصف المشافي ومنع دخول المعدات الطبية والمساعدات الإنسانية للمصابين وعملية قنص النازحين خلال عبورهم ما أطلق عليه الاحتلال الممر الآمن.

وعليه يمكن القول بجرأة إن للإعلام العالمي المنحاز دورا خطيرا فى إبادة الفلسطينيين بغزة بواسطة الاحتلال الصهيوني، والأمر لا يقتصر على الأحداث الجارية، ولكن التغطية الإعلامية العالمية للحق الفلسطينى بشكل عام، شابها الكثير من العوار ما جعلها شريكا أساسيا في جرائم الكيان الصهيونى على مدار سنوات، وغيرها وهذا غيض من فيض.

مواضيع قد تهمك