الأخبار

د. ذوقان عبيدات يكتب : إبداعات أردنية: هندسة الوعي!!

د. ذوقان عبيدات يكتب : إبداعات أردنية: هندسة الوعي!!
أخبارنا :  

انشغلتُ حديثًا بقراءة الروايات، ووصلتُ متأخرًا إلى روايات وليد سيف، التي اكتشفت فيها بعضًا مني، ومن الآخر، ومن أمتي، وتاريخي الأكثر صدقًا مما هو شائع في مدارسنا وحياتنا. وقرأت مقالة كتبها مبدع آخر عن الكتاب الجيد: د. عاصم حمزة منصور، حيث أوضح أن الكتاب الجيد هو الكتاب الذي يحرك ما بداخلك، ويُحييه من جديد! عندها تذكرت ما قاله أستاذي مصطفى زيد الكيلاني عن الأدب الجيد: الأدب الجيد، والنص الجيد هما ما يشعرانك بأنك أنت الكاتب، أو ما يجعلانك تتمنى لو كنت الكاتب!! هذا ما شعرت به حين بدأت بقراءة كتاب مبدع رابع: رائد سمّور في كتابه "هندسة الوعي في العصر الخوارزمي: استحضار المفكر الماركسي غرامشي”!

(01)
في جمعية الفلسفة
بدعوة من الجمعية لحضور محاضرة لمبدع أردني خامس: موفق محادين، ذهبت مبكّرًا؛ لأرى شخصًا، يحمل رزمة من كتب، يوزعها على عدد من السيدات الجميلات؛ متجاهلًا من يجلس قريبًا منهنّ. صرخت فيه غريزيّا: أين كتابي؟ خجِل فأعطاني آخر نسخة بيده كان متّجهّا بها لتسليمها لإحدى الجميلات! المهم: حصلت على ما سيكون كنزًا لي! والذي ما إن وصلت حتى تصفحته؛ لأكتشف إمكانات فكر أردني مبدع!!

(02)
هندسة الوعي!
لن أكتب ترويجًا للكتاب، بل تسويق لأفكار هائلة تطالعك في كل سطر. فالكتاب شكلًا، أشبه بالشعر، وليس بالنص، والجمل التي تحوي فواصل وعلامات ترقيم عديدة. بدأت بفهم معنى الخوارزميات، فبحثت في مراجعَ خارج الكتاب لأجد أن الخوارزميات هي سلسلة الخطوات، والآليات المنظمة التي تقودك من نقطة البدء، حتى اكتمال المشوار. ثم بدأت بقراءة أفكار مدهشة، حرّكت كل ما بداخلي من وعي، وخبرة، وقليل من حكمة. التحمت بالكتاب، وكما يقال من مسافة الصفر، ولم يعد هناك بينٌ بيني وبينه! إلى أن غدا جزءًا مني، فصرت جزءًا منه.



(03)
في الفكر الماركسي وسمّور
لم يكن وقتي كافيًا للربط بين فكر رائد سمّور، وفكر غرامشي الماركسي، ولذلك سأتجاوز هذا مُبرزًا ما لا يمكن الصبر عنه في اكتمال قراءتي للكتاب. فالكتاب رحلة تبدأ، والكتاب الجيد رحلة تبدأ ولا تنتهي. رحلة لا تأخذك إلى مكان، فالمشوار كما يقال أكثر أهمية من الوصول! هكذا كان كتاب رائد سمّور!
هندسة الوعي هي سلسلة من الخطوات تهدف إلى إلغائك تدريجيّا، وقيادتك إلى حيث يُراد لك أن تكون، من دون أن تعيَ أنك وصلت إلى حيث يريدون، بل تشعر أنه خيارك الواعي! برمجوك من دون أن تدري، بل تفتخر أن ذاك خيار حرّ لك، وغير مفروض عليك، مع أنه لا علاقة لك باختياره.
(04)
مقتطفات
نجحوا في إملاء عليك ما تفكر به، وما تسلكه، وما تراه خيرًا لك.
صار سلوكك المستقبلي معروفًا، حيث يمكن التنبؤ بما ستفعل، فأنت آلة ميكانيكية.
علّبوك ولم يعلموك!! فالتعليم يدفعك للشك، والتساؤل، بعكس التعليب الذي يحشرك في علبة السردين.
عوّدوك على الوجبات السريعة الجاهزة، تقدم لك مِنصّات تعليبيّة لكي تبقى مستهلكًا منقادًا من دون وعي.
أنت مجرّد منتَج، تم تصنيعه بمواصفاتهم المفروضة عليك.
لا تحتاج لأوامر ونواهٍ. فأنت مسيَّر كما أرادوا لك.
انتهى عصر السُّلطة بالإكراه، فالسُّلطة الناعمة هي الأكثر تأثيرًا، واستدامة!
إغراقك بما يريدون لك أن تراه؛ حتى تظن أنه خيارك.
(05)
ما النتيجة؟
جمهور غنَمي، لا يقوده "تيس”، أو يقوده تيسٌ ماهر، جعلك تسير خلف أحد مجهول تعتقد أنه أنت!
فرضوا علينا لباسًا محدّدًا، وشكلًا محدّدًا، وسلوكًا محدّدًا قهريّا وقاهرًا، وندّعي أنه خيارنا!
فهمت عليّ؟!!

مواضيع قد تهمك