المسؤولية المجتمعية... مشروع وطني لإسناد جهود تحقيق التنمية المستدامة

يمثل مشروع المسؤولية المجتمعية الذي انخرطت فيه العديد من المؤسسات
والشركات، مبادرة عالية القيمة ستسهم في رفد الجهود الوطنية لتحقيق التنمية
المستدامة بعموم المملكة والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، بما
يتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي.
وبادرت الحكومة في الفترة الأخيرة
بتشجيع القطاعات الاقتصادية لمأسسة دورها في المسؤولية المجتمعية وبشكل
موجه ومستدام للقطاعات التنموية والخدمية الأساسية وأي مشاريع تنموية ذات
قدرة تشغيلية عالية خصوصا في محافظات المملكة.
وبدأ مشروع المسؤولية
المجتمعية لدعم القطاعات الحيوية وتحديدا في قطاعي التعليم والصحة،
بالإعلان عن مبادرات عديدة، تم الإعلان عنها بحضور رئيس الوزراء الدكتور
جعفر حسان، واستهلتها جمعية البنوك الأردنية بتخصيص 90 مليون دينار على مدى
3 سنوات، مثلما خصصت شركة مناجم الفوسفات الأردنية 40 مليون دينار، وشركة
مصفاة البترول الأردنية وشركة الأسواق الحرة الأردنية 5 بالمئة من أرباحهما
السنوية، كما خصصت شركة البوتاس العربية 30 مليون دينار على مدى 3 سنوات
لهذه الغاية.
وقال معنيون بالشأن الاقتصادي لوكالة الأنباء الأردنية
(بترا)، إن الأردن شهد تطورا ملحوظا في وعي الشركات بأهمية المسؤولية
المجتمعية، حيث بدأت العديد منها باعتمادها كجزء من استراتيجياتها طويلة
المدى، بدلا من اقتصارها على المبادرات الخيرية والتبرعات الموسمية.
وأضافوا
أن المسؤولية المجتمعية في الأردن تشهد تنوعا واسعا في المبادرات
والمشروعات التي يتبناها القطاع الخاص، وذلك من خلال تخصيص ميزانيات واضحة
واستراتيجيات وبرامج تهدف لدعم وتمكين المجتمعات المحلية بالمناطق النائية،
والمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة.
وأكدوا وجود وعي متزايد بأهمية
الانتقال من المسؤولية الاجتماعية كأداة علاقات عامة إلى مفهوم أوسع يتضمن
الاستدامة والمسؤولية البيئية والحوكمة الرشيدة، مؤكدين أن الأردن يمتلك
قطاعا خاصا قادرا على إحداث فرق كبير في التنمية المجتمعية المستدامة.
وأشار
رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، إلى الأهمية الاستراتيجية
للمسؤولية المجتمعية في دعم القطاعات الاقتصادية الأساسية، وفي مقدمتها
قطاعي التعليم والصحة، وذلك بما يتوافق مع محور جودة الحياة ضمن رؤية
التحديث الاقتصادي.
وأكد أهمية تعزيز المبادرات والبرامج الاستثمارية
ذات البعد المجتمعي والتي تسهم بشكل ملموس في الحد من معدلات الفقر
والبطالة، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأشار إلى أن
المسؤولية المجتمعية في الأردن تشهد تنوعا واسعا في المبادرات والمشروعات
التي يتبناها القطاع الخاص، وذلك من خلال تخصيص ميزانيات واضحة
واستراتيجيات وبرامج تهدف لدعم وتمكين المجتمعات المحلية بالمناطق النائية،
والمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة.
وبين أن القطاع الخاص يسهم أيضا
في تنفيذ برامج تدريبية مخصصة للخريجين، تتيح لهم اكتساب الخبرات العملية
والمهارات اللازمة لدخول سوق العمل، مما يسهم في تعزيز كفاءاتهم وتحفيز
الابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وأكد أهمية وجود قانون ينظم
المسؤولية المجتمعية في القطاع الخاص لتبني نماذج أعمال مسؤولة وتخصيص
الموارد بطريقة أكثر استراتيجية، ولا بد من تعزيز الشراكة لمواجهة الصعوبات
الاقتصادية وتعزيز قيم العطاء والتكافل الاجتماعي والمساهمة في تحسين
الظروف المعيشية للمواطنين، بالإضافة لإنشاء صناديق خاصة لتوفير قروض
تعليمية للطلاب لدعم التعليم بالمملكة.
ودعا الطباع، لتوزيع نسبة
معينة من الالتزام كحد أدنى لكل شركة حسب حجمها وربحها لتحقيق العدالة
والشفافية في القطاع الخاص، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص
والتحول من نموذج التبرعات إلى شراكات استراتيجية تستند إلى رؤية واضحة
واحتياجات محلية محددة كونه الطريق الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة تلبي
احتياجات المجتمع.
من جانبه، لفت رئيس غرفة تجارة الزرقاء حسين شريم،
إلى عدم وجود قانون موحد ينظم المسؤولية المجتمعية للشركات بشكل ملزم في
الأردن، لكنها تشجع من خلال استراتيجيات وطنية وخطط تنموية، مثل رؤية
التحديث الاقتصادي، ودعوة بعض الجهات الرسمية إلى تضمين أبعاد التنمية
المستدامة في خطط القطاع الخاص.
وأشار إلى أن الكثير من الشركات الكبرى
(وخاصة في قطاعات البنوك، الاتصالات، الطاقة) لديها برامج مسؤولية مجتمعية،
لكن غالبا ما تتركز على العمل الخيري والرعاية المجتمعية أكثر من المشاريع
التنموية المستدامة.
وقال " هناك وعي متزايد بأهمية الانتقال من
المسؤولية الاجتماعية كأداة علاقات عامة إلى مفهوم أوسع يتضمن الاستدامة
والمسؤولية البيئية والحوكمة الرشيدة"، مبينا أن هناك منظمات مجتمع مدني
تسعى لتعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية، كالمبادرات الشبابية أو الجمعيات
البيئية والتعليمية.
وأضاف رئيس الغرفة" هناك بعض التحديات تواجه عملية
المسؤولية المجتمعية منها غياب الحوافز الواضحة كالإعفاءات الضريبية
للأنشطة ذات الطابع الاجتماعي أو البيئي، وضعف التنسيق بين الجهات المعنية،
ونقص الوعي المؤسسي عند بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة بأهمية دمجها في
أعمالها ".
ويرى شريم، أن إنشاء صندوق خاص بالمسؤولية المجتمعية يمكن أن
يكون أداة فعالة لتعزيز دور المسؤولية الاجتماعية بالتنمية المستدامة،
بشرط أن يتم تصميمه وإدارته بشكل استراتيجي وشفاف، وأن يضم ممثلين من جميع
الشركاء المعنيين: من القطاعين العام الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وفي
إطار التوجهات الحديثة لتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية المجتمعية، شهد
الأردن تطورا ملحوظا في وعي الشركات بأهمية المسؤولية المجتمعية، حيث بدأت
العديد من المؤسسات اعتمادها كجزء من استراتيجياتها طويلة المدى، بدلا من
اقتصارها على المبادرات الخيرية الموسمية، إلا أن هذه الجهود ما زالت بحاجة
إلى تنسيق وطني وإطار عمل شامل لتعظيم أثرها.
بدوره، أكد نائب رئيس
مجموعة العملاق الصناعية المهندس محمد الصمادي، أن المسؤولية المجتمعية
للشركات في الأردن أصبحت تشهد تحولا تدريجيا من النموذج التقليدي القائم
على الدعم العيني والمساعدات الخيرية إلى نموذج أكثر استدامة يتم دمجها فيه
ضمن خطط الشركات الاستراتيجية.
وأضاف أن الأردن بحاجة إلى إطار وطني
موحد يوجه جهود الشركات نحو أولويات تنموية محددة، مثل التعليم، والتدريب
المهني، وتمكين المرأة، والابتكار المجتمعي، بما يتماشى مع الأهداف الوطنية
للتنمية المستدامة.
ورأى المهندس الصمادي، أن بناء ثقافة المسؤولية
المجتمعية داخل الشركات أكثر فعالية من سن قوانين ملزمة، والتي قد تقتصر
على تحقيق الحد الأدنى من الالتزام، مؤكدا أن الحوافز التنظيمية والضريبية،
إلى جانب وضع إطار مرجعي واضح، ستكون أكثر تحفيزا للشركات لتبني مبادرات
مجتمعية مستدامة، بدلا من الاكتفاء بالمتطلبات القانونية.
وضمن
الحلول المطروحة لتعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص، أكد أهمية
إنشاء صندوق وطني مستقل للمسؤولية المجتمعية يدار بمهنية عالية ويضم ممثلين
عن القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، و أن يركز الصندوق على ربط
المبادرات بمؤشرات أداء قابلة للقياس، لضمان تحقيق أثر ملموس في مجالات خلق
فرص العمل، وتطوير المهارات، وتحسين البنية التحتية المجتمعي.
وبين أن
مجموعة العملاق الصناعية أطلقت سلسلة مبادرات مجتمعية، وذلك في إطار
المسؤولية المجموعة المجتمعية الدائمة، وليس كأعمال موسمية، حيث تعمل حاليا
على تطوير خطة متكاملة تربط المسؤولية المجتمعية بمؤشرات الأداء المؤسسي.
ودعا
إلى تحويل المسؤولية المجتمعية إلى عنصر تنافسي بين الشركات، من خلال
إطلاق جوائز وتصنيفات وطنية تكرم المؤسسات المتميزة في هذا المجال، ما يحفز
الإبداع ويعزز الاستدامة.
وأشار إلى أن الأردن يمتلك قطاعا خاصا قادرا
على إحداث فرق كبير في التنمية المجتمعية، شرط توفر رؤية واضحة، وحوافز
فعالة، ومنصات داعمة تتيح للشركات المساهمة بفاعلية في تحقيق الأولويات
الوطنية.
وذكر أنه مع تزايد إدراك الشركات الأردنية لدورها المجتمعي،
يبقى التحدي الأكبر هو تحويل الجهود الفردية إلى حركة وطنية منظمة، تعتمد
على الشراكات الفاعلة، والأطر المؤسسية، والقياس الدقيق للأثر، لضمان أن
تساهم المسؤولية المجتمعية للشركات بشكل فعلي في تحقيق التنمية المستدامة.
--(بترا)