سلطان حطاب يكتب : سميح البطيخي… موقع التكريم

كتب سلطان الحطاب –
سميح البطيخي، "أبو الهيثم”، نموذج المواطن الأردني الذي يعرف حقوقه وواجباته ويفي بما يترتب عليه، ليس لأنه قانوني وخريج كلية الحقوق من مصر عام 1967، وإنما لأنه التزم بما تفرض عليه مواطنته من واجب.
كان من كاظمي الغيض، ومن العافين والذين تحملوا وصبروا ولم يزايدوا ولم يناقصوا ووضعوا خدمة الوطن في عيونهم.
مر الباشا الذي تقلد أعلى المناصب الأمنية بمحنة … فوجدته صلباً صابراً وقوياًفي مواجهة كل الصعاب ولم تفسد المحنة والامتحان ايمانه وارادته فظل على ولائه لوطنه وقيادته وظل يحدث بما يليق برجل مثله وفي وزنه
التقيته ذات مرة عند صديق، وقلت له ياباشا ما رأيك أن نكتب مذكراتك فابتسم، وقال "صلي على النبي” ما عندي شي يذكر، فابتسمت وسكتت، وآمنت أن صلابة الإنسان هي في أمانته ومراعاته للقضايا العامة والمصلحة الوطنية حينما يكون على ثغرة من ثغور الوطن ولا يؤتى… من قبله.
أبو الهيثم أحبه الكثيرون حتى وهو في الوظيفة العامة، "مديراً للمخابرات”، فقد اتسمت سيرته بالنزاهة في التعامل وعلاقاته بالمودة ولم تنل الوظيفة منه لتجعله مغروراً او متكبراً، بل بقي كما هو، وسجل بذلك تجربة تستحق التامل
تقبل ابو الهيثم ظروفه التي استجدت عليه وتكيف معها وحصن نفسه حتى لا يصيبه الشطط او تأمره نفسه بالسوء أو تأخذه التجربة القاسية الى فقدان البوصلة أو الأمل.
الذين رأوه والتقوا به في السنوات الصعبة، قالوا أنه لم يتغير أبدا ولم يتحدث عن أي شيء يمكن أن يسيء لوطنة أو للأخرين، وظل أكثر اصدقائه أوفياء له يذكرونه بما يستحق، وهناك من بذل جهداًً ليكون الى جانبه.
لأنه من معدن ثمين بأخلاقه وسلوكه، فقد بقي أسمه في ذهن الجميع الى ان اعيد له الاعتبار أمس في محطة من المحطات الفارقة، أذ كرمه القائد الملك بميدالية اليوبيل واعاد له الاعتبار الذي يليق به ويجعله في موقع الود والصلة ومعاودة الدور الذي يستحقه.
كان رجلاً حكيماً واعياً محاورا يتمتع بصفات قلما تمتع بها الأمنيون الذين تاخذهم القسوة إلى فقدان صفاتهم
كان يميل الى حل الكثير من المسائل بالحوار والوعي والاستماع الى الآخر، وكان له رأي لم يبخل به حتى في اللحظات الصعبة.
يعود سميح البطيخي الى الأضواء وهو لم يكن يحبها في الأصل، ولكنه الآن وقد جرى تكريمه، فإن الواجب يقتتضي من كل اصدقائه ومحبيه ان يتواصل تكريمه .
لقد ظل صابرا مخلصا في سبيل وطنه وولائه غير القابل للمساواة نعم لقد ضحي سيمح البطيخي وضرب به المثل على الصبر والتحمل.
كنت اقرأ أمس رسالة أولاده اليه وقد تأثرت بما جاء فيها وهم فخورون بوالدهم الرجل الوطني الذي كافح في حياته، فهو لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، بل كان عصامياً واستطاع أن يصل الى ما وصل اليه.
كانت كلمات الابناء، وأكبرهم هيثم، الذي يحمل سميح اسمه، أبو الهيثم، كلمات مؤثرة، فقد مثلوا في رسالتهم اليه وهم يعبرون عن حبه وتقديره كل الأردنيين، فنظامنا السياسي ليس باطشا ولا يختفي فيه المعارضون ولا يذهبون إلى غيابة الجب… أو الظلام، بل أنه يعيد الاعتبار، حتى لاولئك الذين قد يصيبهم شيء من الالم أو غياب العدالة، لأن "الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل”.
لقد كان الأردن هكذا بسبب من قيادته التي كانت تصفح وتقدر وتعفو وتراجع وتقدر لكل من يستحق التقدير،
وقد حمل الباشا الفريق البطيخي ميدالية اليوبيل واستقبل بمودة وتقدير ومحبة، ونحن نضم اصواتنا الى مشاعر اولاده وعائلته ومحبيه.
فهنئياً لهاذا الجندي بالثقة الملكية وهنيئاً له ما تحمل ونجاحه في امتحان المحنة بالصبر فقد احتضن وطنه واعتكف طويلاً وهو يفكر ان يظل متصالحاً مع نفسه مواكبا دون هروب او اعتزال سلبي.
ظل سميح البطيخي قريباً من الناس، لم يبتعد حتى وهو يغادر، فقد كانت جذوره قد ضربت عميقا في تراب هذا الوطن وظل وفاءه له لا يحتمل التاويل ولا يضعف أمام أي غواية.
لم تستطع التطورات والاحداث وحتى الشامتين أن يزاودوا على أمانته أو ان يبتعدوا به عن ما ظل يؤمن به من أخلاص لوطنه وقيادته، ولذا نجح في الامتحان وفاز بتقدير ميدالية اليوبيل الفضي للملك عبد الله الثاني بن الحسين، فهنيئا لك فقد جعلتنا تجربتك نؤمن بأن هذا الوطن لا يظلم أحداً وان أبناءه ودائع بعد ربهم عند سلطان لا يظلم عنده احدا .ــ عروبة الاخباري