الأخبار

حمزة العكالية : معاوية والمجوسي.. توظيف الدراما في خدمة الطائفية

حمزة العكالية : معاوية والمجوسي.. توظيف الدراما في خدمة الطائفية
أخبارنا :  

مسلسل «معاوية بن أبي سفيان» يقابله فيلم «شجاعة أبو لؤلؤة المجوسي» قاتل الخليفة عمر بن الخطاب، هذه عناوين تكفي لإذكاء الفتنة الطائفية في المنطقة العربية، وهي أعمال درامية ستقوم بإحياء مراقد عظام شخصيات دينية قيل عنها الكثير بعضه صحيح وبعضه خاطىء والغالب منه يأتي وفق انطباعات وآراء معلبة جاهزة للطوائف والفرق الدينية.
في الإرث الذهني الديني وحتى العربي يبرز معاوية بوصفه داهية، ولكن لا يقال كثيرا في السجالات أن الرجل من كتبة الوحي، ولا يسأل البعض كيف دخل لدين جديد وهو في مقتبل العمر ومن عائلة برجوازية ووالده كان سيدا في قريش، وأمه هند بنت عتبة أحد سادة مكة الرافضين لرسالة الإسلام بوصفه يقلب موازين الفكر السائد بما فيه من معتقد وحكم ومجتمع قائم على الطبقية.
المجوسي قام بقتل الخليفة عمر بن الخطاب، في عملية غادرة ما زالت حاضرة حتى يومنا وتستحضر وقت الحاجة للتحريض الطائفي، وفي وجدان المسلمين والعرب مكانة كبيرة لعمر بن الخطاب ولدى المسيحيين في أنحاء كثيرة من العالم بوصفه رمزاً للعدل، لكن لدى البعض رأي يحتوي على إساءة وافتراء وتجني وآراء مستفزة، بعكس رأي الجماعة لدى عموم المسلمين الذين يرفضون الإساءة للصحابة وينظرون إليهم من منظار الوقار والتبجيل والنأي بهم عن خلافات طبيعية تحدث بين البشر وهي وليدة بيئتهم وظروفها آنذاك.
وفي وقت تنزف المنطقة العربية وتقف أمام محطة خطيرة تستهدف وجود دول ومكونات، تبرز وتتكاثر برامج إسرائيل الخبيثة في سوريا فهي تغازل الأقليات الدرزية والكردية ووصل الحديث عن اختراقات في الساحل السوري ذي الغالبية العلوية، يوازيها خطوات إيرانية على ذات السياق في تغذية الطائفية واللعب على أوتار الحروب الأهلية، ما يحتاج لتنبه وإحاطة الأمر بمحاذيره كافة من مراكز القرار السياسي في المنطقة العربية، فكما قيل إن النار من مستصغر الشرر.
ولا بد من إعلاء مفهوم حرمة الدم ووقف القتل على الهوية، دون أن يعني ذلك مطلقا نكران حق الدول بفرض سيادتها ومحاسبة المتجاوزين على القانون بحزم ورد الشر في صدور أصحابه، ولكن وفق منطق العدالة ولجم دعوات التطهير والإبادة والانتقام الجماعي، فهذا فخ خطير يستهدف سوريا ويحتاج لتدارك اللحظة التاريخية ووقف دعوات التحريض لمجتمع منهك ومتعب منذ خمسين عاما ويحتاج لنصيحة صادقة بعيدا عن العاطفة، فالشعب السوري الذي هزم نظاما ديكتاتوريا مدعوماً من روسيا، وهزم إيران وقواتها في عديد المدن السورية، وهزم داعش وقوات حزب الله ومئات العصابات والمليشيات، سيكون قادرا على تجاوز محن الفتن ولكن يجب أن يكون ذلك بأقل الخسائر، فدم السوري المدني على السوري حرام.
ولنتصور أنه على منصات التواصل في عديد المدن السورية والعراقية تتنشر فيديوهات وأهازيج الحماسة المؤيدة لبني أمية وأخرى تؤيد بني العباس في العراق، يا إلهي هل حقا يريد البعض إعادة هذا الاصطفاف، وخدمة لمن؟ وما فائدة ذلك، والمؤلم أن آلاف التعليقات تخرج من كلا الفريقين، بما فيها من تخوين وشتم وسباب وفتنة، في وقت أحوج ما تكون سوريا إلى تدعيم وحدتها واستقرارها وإعادة البناء، ويحتاج العراق إلى استكمال مسارات التنمية وتعزيز المنعة الاقتصادية والسياسية، فالعراق قوة لا يستهان بها لصالح قوة القرار العربي.
بالمحصلة، لسنا بحاجة إلى استحضار ما يسهم في إشعال نار الطائفية، فتلك سنوات خلت بما لها وعليها، بل نحتاج إلى إجابات واضحة حول حقوق المواطنين في الدول، ودور الأقليات وتقديم تطمينات تضمن لها مشاركة وتمثيل نتجنب معها استغلالها من قبل إسرائيل وإيران وسواها من القوى الإقليمية والدولية، وأن لا ننساق وراء ما كنا نرفضه ونعاني منه في الماضي، لنراه مشروعا لنا تحت مسوغات واهية، فهل نتعلم من الدرس ونتجنب الفوضى.

مواضيع قد تهمك