الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : الدولة الأردنية العميقة بين الخيال و الحقيقة.

اسماعيل الشريف يكتب : الدولة الأردنية العميقة بين الخيال و الحقيقة.
أخبارنا :  

«الكذبة كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها.» مارتن لوثر
هل سمعت بالمثل القائل: ‹تقتل القتيل وتمشي في جنازته›؟ سأروي لك قصة تُثبت صحته.
في السابع من أكتوبر، كانت عائلة بيباس من كيبوتس نير عوز، المحاذي لقطاع غزة، ضمن المحتجزين لدى حماس. تألّفت العائلة من الوالدين وطفليهما: أرييل (4 سنوات) وكفير (9 أشهر). في الأول من فبراير، أطلقت حماس سراح والد الطفلين، ثم في العشرين من الشهر ذاته، سلّمت رفات أربعة أشخاص، كان من بينهم جثمانا الطفلين الصغيرين.
استغلّ الصهاينة هذه القصة دون أدنى دليل، رغم نفي حماس مسؤوليتها عن مقتلهما، وتأكيدها أنهما قُتلا نتيجة القصف الصهيوني الهمجي. ومع ذلك، استدعوا شاهد الزور، الطبيب الشرعي تشين كوجيل، وهو نفسه الذي ادّعى سابقًا، زورًا، أن حماس قطعت رؤوس الأطفال في السابع من أكتوبر. كرر أكاذيبه هذه المرة أيضًا، زاعمًا أن الطفلين قُتلا على يد حماس، في ادعاء لا يستند إلى أي دليل، ثم اطلقوا حملة إعلانية باستخدام الذكاء الصناعي حملت عنوان لن ننسى كل صاحب شعر احمر، واضيفت اليها عبارات ان حماس قتلتهم وانها ستفعل ذلك مرة أخرى ما لم نردعها.
لم يكن العالم الدجّال، المحابي للصهاينة، بحاجة إلى إثبات. تلقّف الحملة بحماس، وعمّمها على نطاق واسع. تسابق زعماء أوروبا إلى التظاهر بالحِداد، مرتدين شعاراتٍ وأربطة عنق برتقالية، بينما أُضيئت معالم بارزة مثل برج إيفل، وعمارة إمباير ستيت، وبوابة براندنبورغ في برلين، باللون البرتقالي، فهؤلاء القادة هم المسؤولون في الحقيقة عن مقتل الطفلين بعد ان دعموا الكيان بالمال والسلاح، ولكنهم مشوا في جنازة الطفلين.
هذه الحملة، رغم أنها مبنية على الأكاذيب، تصب في مصلحة الكيان، إذ تعزز روايته وتبرّر استمرار مشاركته في حرب الإبادة الجارية في غزة. ركّز الصهاينة على لون شعر الطفلين، في محاولة لاستثارة مشاعر الأوروبيين البيض، عبر الإيحاء بأنهما يشبهان أطفالهم، والترويج لرواية عنصرية تصوّر العرب ذوي البشرة الحنطية كقتلة بدمٍ بارد.
ولم يفوّت نتن ياهو، الكذّاب الذي قتل الطفلين ومشى في جنازتهما، الفرصة. ظهر على شاشات التلفاز مخاطبًا الأوروبيين بالإنجليزية، وهو يحمل صورتهما. تحدّث طويلًا، متعمّدًا أن تملأ ملامحهما الشاشات، لترسيخ صورتهما في أذهان المواطنين الغربيين، وإثارة تعاطفهم.
الغاية من كل ذلك واضحة: خلق حالة من التعاطف مع الصهاينة، فبمجرد تحقيق ذلك، يصبح من السهل دفع الجماهير للموافقة على قتل الفلسطينيين، وتجويعهم، بل ودعم قادتهم في تواطئهم بحرب الإبادة.
الكذب ليس مجرد وسيلة، بل هو سلاح رئيسي في حروب الكيان الصهيوني والغرب. رأينا كيف بدأ زعيم أكبر دولة في العالم حرب الابادة بأكذوبة، حين ادّعى أن حماس قطعت رؤوس الأطفال. تلقّفتها وسائل الإعلام ونشرتها على نطاق واسع، وحين تبيّن أنها محض افتراء، لم يردعه ذلك عن تكرارها بلا تردد. هكذا، تُقلب الحقائق: فيصبح القاتل ضحية، والمجرم بطلاً، والمقاوم إرهابياً.
لكن، رغم كل ذلك، يعلّمنا التاريخ درسًا واضحًا: الكذبة قد تعيش طويلًا، لكنها لا تنتصر! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك