السفير محمد الكايد يكتب : زيارة ترامب والتوقعات المأمولة

يبدو ان زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى كل من السعودية والامارات وقطرتحمل جانبا اقتصاديا وامنيا مهما فاق الجانب السياسي المفروض ان تحمله زيارة بهذه الاهمية. ومن المتوقع ان تتمخض الزيارة عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية واستثمارية بمئات المليارات ضمن اجواء احتفالية وترحيب لم يسبق له مثيل . وسوف تحقق الزيارة وما قد ينتج عنها المصالح الثنائية لكافة الاطراف وسيخرج الجميع منتصرا بما تحقق. ولسوف تحصل ادارة الرئيس ترامب على مبتغاها باستثمارات مليارية وعقود تجارية وتسليحية هي الاكبر منذ بدء العلاقات بينهم مما سيساهم في تكريس نفوذ الرئيس ترامب السياسي وزيادة شعبيته لدى الناخب الامريكي نتيجة خلق الوظائف للمواطن الامريكي والتي قدرها هو نفسه بحوالي 2 مليون فرصة عمل. كذلك ستنال الدول الخليجية مبتغاها في توثيق التحالف الامني والاقتصادي مع الولايات المتحدة وستضمن لنفسها شراكات طويلة الامد مع كبرى الشركات الامريكة ذات النفوذ السياسي والاقتصادي داخل الولايات المنحدة بغض النظر عن حزبية الادارة وهذا عدا عن العوائد الربحية التي ستحققها دول الخليج والناتجة عن هذه الاستثمارات الضخمة.
وتجنبا للتفاصيل الكثيرة ، فانه يمكن القول بان هذه الزيارة ستكون ناجحة على المستوى الثنائي بين الاطراف ولكن من غير المتوقع ان تسفر عن تغيير في الموقف الامريكي تجاه قضايا المنطقة الملحة وبالاخص الحرب على غزة وانشاء الدولة الفلسطينية وهما اهم ما يشغل المواطن العربي وسبب عدم الاستقرار في المنطقة برمتها. وبرغم بعض التسريبات التي تحدثت عن احتمالية الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الزيارة وكذلك عن العلاقة المتوترة بين ترامب ونتياهو الا ان الرئيس الامريكي تجنب لغاية الان الخوض في القضايا السياسية الرئيسية مكتفيا بعبارات عامة لا يمكن التعويل عليها.
باستثناء الاعلان عن رفع العقوبات عن سوريا واللقاء مع الرئيس احمد الشرع، لا يمكن القول بان هذه الزيارة ستكون تاريخية واستثنائية من الناحية السياسية الا اذا رأينا موقفا جديدا للادارة الامريكية من القضايا الرئيسية التي تهم الامة العربية وبالاخص القضية الفلسطينية ؛ او بالحد الادنى الاعلان عن موقف صارم يؤدي الى وقف العدوان الاسرائيلي على غزة والسماح بدخول المساعدات للقطاع المدمر. لا يمكن لاي زيارة بهذا الحجم ان توصف بالتاريخية الا اذا حملت سياسات ومواقف تقدمية تؤدي الى انهاء النزاعات واحلال السلام في المنطقة ، ولكن هذا لا ينفي اهمية الزيارة ورمزيتها والنتائج التي ستخرج منها ولكن ليس للحد الذي يمكن اعتبارها بالزيارة المفصلية اذا ما انتهت دون ايجاد حل عادل للقضايا الرئيسية.