حسين بني هاني : زيارة ترامب للرياض .. قطبة عربية وثقى مع واشنطن

ربما تكون كذلك ! فالسياسة لا يوجد فيها ثوابت سوى المصالح، ولهذا يبدي المراقبون في إسرائيل، قلقهم من التوجه السياسي لادارة ترامب الثانية ، التي بدا انه يدير فيها ظهره لنتنياهو وليس لاسرائيل ، كونها الحليفة الأساسية في المنطقة ، وهو ما بدأ يدركه من يتابع علاقة الاثنين مؤخرا ، وزراء نتنياهو رغم طلبه منهم عدم إطلاق أي تصريحات، عشيّة زيارة ترامب للسعودية، إلا أن وزير التعاون الإقليمي في حكومته ، هاجم ترامب ووصفه بأنه شخص غير متوقع، وصاحب شخصية متقلبة، وأن على إسرائيل ان تتصرف وفق مصالحها هي ، وليس وفق ما يريده ترامب .
هذا يشير إلى قِصَرِ شهر العسل السياسي، الذي بناه نتنياهو مع ترامب ، ليحل محله ، عهد عسل اقتصادي طويل الأجل مع الأمير محمد بن سلمان وعموم الخليج ، والذي أجاد العزف بنجاح ، على الوتر الذي يحبه ترامب ، وضَمِنَ من خلاله مصالح بلاده ، بعد أن وضع نتنياهو ، كما تقول الصحافة الاسرائيلية، "كل بيض إسرائيل في سلة الرئيس الجمهوري" ، وخسر إلى الأبد الحزب الديمقراطي وانصاره اليهود التقدميين ، في وقت يقترب فيه ترامب كثيراً ، من موقف الرئيس التركي في ملف سوريا وهو يقابل رئيسها في الرياض ، ويرفض طلب نتنياهو-حسب القناة ١٢ العبرية - إبقاء العقوبات على سوريا ، ، ناهيك عن مغزى ومعاني، عدم زيارة الرئيس لاسرائيل ، ضمن جولته في المنطقة ، هذا أقلق نتنياهو كثيراً ، والمقلق أكثر بالنسبة له ، هو ما تشير إليه مصادر البيت الأبيض ، بأن سياسة الرئيس في عهده الجديد في المنطقة "ستركّز على الصفقات " وعلى الاقتصاد أكثر من السياسة، بعد أن رسّخ قادة الخليج مكانتهم لدى ترامب، كشركاء رئيسيين خلال ولايته الثانية، وبعد أن وعد الاخير ، بإطلاق اسم الخليج العربي ، على المسطّح المائي بين ايران والخليج ، عوض الفارسي .
الإفراج عن المختطف الاسرائيلي، الذي يحمل الجنسية الامريكية عشيّة الزيارة ، ألقى بظلال الشك لدى نتنياهو ، من سلوك ادارة ترامب تجاه هذه المسألة ، إذ رأى فيه تمييز امريكي مقصود، بين جندي إسرائيلي وآخر ، بل يشي بالنسبه له الى تنسيق منفرد ومقلق بعيداً عن تل أبيب ، بين واشنطن والدوحة، وان ذلك يعني له أن أوامر ترامب ، هي التي تنفّذ ، وليس مقترحات مبعوثة ويتكوف ، الذي وثق نتنياهو بحسن تصرفه تجاه هذا الأمر .
عقلاء إسرائيل يخشون أن تصبح دولتهم معزولة في ظل موقف ترامب من نتنياهو ، بعد أن شعروا، أن بعض قادة العرب يجيدون اللعب السياسي مع الرئيس الأمريكي، عبر البوابة الاقتصادية ، في وقت اكتشف فيه نتنياهو المأزوم داخليا ، أن ترامب ليس بايدن ولا أوباما ، الذي كان بوسعه أن يضيّق الخناق عليهما في الكونغرس ، وهو الأمر الذي لم يعد بوسع نتنياهو التفكير به، بل يخشى الإقدام عليه تماماً مرة أخرى .
الحزمة الاقتصادية والمالية ، التي سيخرج بها ترامب من السعودية ، تحت بند الشراكة الاستراتيجية ، حزمة مثيرة سوف يدشّن بها ترامب عهده الجديد ، امام الشعب الأمريكي، متجاوزا بذلك حلفائه الاوروبيين وإسرائيل أيضاً ، زيارة ترامب هذه سوف ترفع منسوب القلق لدى نتنياهو ، بعد أن تأكد له أن ، فرص التطبيع مع السعودية ، لها ثمن وتنازلات ، لا يقوى عليها في ظل تركيبة حكومته . هي لحظة صعبة ، على نتنياهو إذا أصرّ على المناورة، مع رئيس مغرم بالصفقات ، خاصة إذا أوعز لمبعوثه بالدوحة ، كما يشاع في إسرائيل ، أن يبقى فيها ، لإبرام اتفاق ينهي الحرب في غزة ، وإعادة المختطفين ،في صفقة إن وقعت ستنتهي مستقبل نتنياهو السياسي إلى الأبد .