الأخبار

د. رعد محمود التل : محركات النمو للاقتصاد الأردني في الربع الأول 2025 (2)

د. رعد محمود التل : محركات النمو للاقتصاد الأردني في الربع الأول 2025 (2)
أخبارنا :  

تتواصل الجهود لتحفيز القطاعات الاقتصادية للاقتصاد الاردني التقليدية منها كالصناعة والتجارة والزراعة والقطاعات غير التقليدية لتحقيق نمو مستدام. وبالاشارة الى تقرير الأداء الحكومي للربع الأول من 2025 فقد أظهر التقرير تطورات إيجابية في قطاع التعدين والخدمات اللوجستية والقطاع المالي وتكنولوجيا المعلومات.

صحيح أن المواطنين يريدون أن تنعكس كل تلك المشاريع والمبادرات والارقام في حايتهم اليومية، من خلال تحسين الدخول، واستمرار ضبط الاسعار وخلق المزيد من فرص العمل، كل ذلك صحيح لكن الاثر لسياسات الصحيحة والعلمية (ومنها رؤية التحديث الاقتصادي) قد لا تظهر نتائجه بصورة عاجلة أو بالامد القصير كما تظهر بالامد المتوسط مثلاً! لكن ما هو مهم أيضاً أن يسير الاقتصاد بالاتجاه الصحيح.

تقرير الاداء الحكومي للربع الاول من هذا العام يشير لذلك، فقطاع التعدين مثلاً يشهد بداية قوية نحو استغلال موارد نادرة يمكن أن تسهم في دعم الاقتصاد أكثر. فقد تم البدء في دراسات جدوى لاستخراج الفوسفات في منطقة "الريشة"، وهي خطوة مهمة لتعزيز الإنتاج المحلي. إضافة إلى مفاوضات جارية مع شركات عالمية لاستخراج الذهب والنحاس في منطقة "أبو خشيبة". هذه الأنشطة تشير إلى قدرة الأردن على الاستفادة من موارده الطبيعية بشكل مستدام، ما يعزز من قدرته على توفير فرص عمل وتحقيق دخل إضافي للخزينة العامة.

اما على صعيد الخدمات اللوجستية، تواصل الحكومة جهودها في تحسين البنية التحتية للنقل من خلال مشاريع هامة مثل مشروع النقل السريع بين السلط وعمان، الذي تحقق فيه إنجاز بنسبة 30%. كما تم التقدم في مشروع التنبؤ الذكي بالحركة المرورية بنسبة 60%. هذه المشاريع تهدف إلى تسهيل حركة النقل وتقليل الازدحام، ما يعزز من كفاءة الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى ذلك، ساهم استخدام الطاقة الشمسية في تغذية مطار الملكة علياء بتوفير الطاقة بشكل مستدام، وهو ما يعكس التوجه نحو دمج تقنيات الطاقة المتجددة في البنية التحتية الحيوية.

بالنسبة للقطاع المالي فقد شهد تقدمًا ملحوظًا في مجال الرقمنة والشمول المالي. وقد بلغ إجمالي الودائع البنكية في المملكة 47.3 مليار دينار، ما يعكس الثقة المتزايدة في النظام المصرفي الأردني. كما أن تزايد عدد مستخدمي نظام الدفع الفوري "كليك" إلى 3.6 مليون شخص يعكس تحولًا رقميًا في القطاع المالي. تتضافر هذه الجهود مع مشاريع لتعزيز التمويل، مما يعزز من وصول الأفراد والشركات الصغيرة إلى الخدمات المالية الضرورية.

في مجال تكنولوجيا المعلومات، تواصل المملكة تعزيز رقمنة الحكومة عبر تفعيل أكثر من 1,500 خدمة حكومية حتى الآن. كما تم تفعيل 1.6 مليون هوية رقمية، مما يساهم في تسريع العمليات الحكومية وتيسير الوصول إلى الخدمات العامة. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع شراكات مع أربع شركات عالمية لتعزيز الاستثمار الرقمي، ما يعكس التزام المملكة بتطوير البنية التحتية الرقمية لتعزيز التنافسية في الاقتصاد العالمي.

لا يمكن إغفال الدور المهم الذي يلعبه قطاع تكنولوجيا المعلومات في تسريع عملية التحول الرقمي في مختلف القطاعات الاقتصادية. فقد أصبح هذا القطاع من المحركات الرئيسية لزيادة الإنتاجية، ليس فقط من خلال التحسينات في القطاع العام ولكن أيضًا عبر تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من تطوير أعمالها باستخدام التقنيات الحديثة.

الارقام مبشرة للربع الاول من هذا العام وتشير الى أن هناك جهداً كبيراً مرسوماً بدقة، وفهماً عميقاً للاقتصاد الاردني وتحدياته، كما تشير الأرقام والأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تم تحقيقها في الأردن خلال الربع الأول من 2025 الى أن هناك تنسيقًا فعالًا بين الحكومة والقطاع الخاص في تعزيز النمو المستدام. إحداث الفارق بحياة الناس اليومية يحتاج جهداً كبيراً فطريق الاصلاح الاقتصادي لا يزال طويلاً وفيه العديد من التحديات داخلياً وخارجياً، لكنه وبكل تأكيد ليس مستحيلاً، فمع استمرار الجهود بهذا الزخم، يتوقع أن ينجح الأردن في تحقيق تقدم ملموس نحو تحقيق تنمية يلمسها الناس وتؤثر إيجاباً بحياتهم.

رئيس قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية

مواضيع قد تهمك