الأخبار

أ. د. وائل عبد الرحمن التل : الكتاب الجامعي: (2-5) مَحكّاتٌ وتَحدّياتٌ

أ. د. وائل عبد الرحمن التل : الكتاب الجامعي: (25) مَحكّاتٌ وتَحدّياتٌ
أخبارنا :  

حتى تتحقّق في الكتاب الجامعي، «المَرجع الرّئيس المُعتمد للمعرفة العلميّة الأساسيّة لكلّ مادةٍ دراسيّةٍ بالجامعات»، المعايير والمواصفات الضّامنة لجَودته «تأليفاً، واختياراً»، والضّامنة لاستمراريّة عمليّة تقويم جَودته، والضّامنة لتحقيقه أهداف عمليتي التعلّم والتّعليم ونواتج التعلّم المُستهدفة في برامجها، فإنّه ينبغي الإشارة إلى بعض المَحكّات المُهمّة، منها: «مَحكّ المعايير»، وذلك بأن يتمكّنَ معيارُ «الكتاب الجامعي»، و»التعلّم والتّعليم» و»مصادر التعلّم» من تحفيز طلبة الجامعات على أداءِ مَهمّاتٍ فكريّةٍ وإبداعيّةٍ وتعلّميةٍ وفق مستوياتٍ رفيعةٍ من معايير التّحدي والإنجاز الأكاديمي، كحجم ما يكرّسُونَهُ من وقتٍ وجهدٍ في التّحضير لمحاضراتهم، ومن وقتٍ وفعاليّةٍ في القراءة المُقَرَّرة، وحجم ونوعيّة البحوث وأوراق العمل والتّقارير التي يُكلَّفون بإعدادِها وتقديمها، والمدى الذي تصل إليه مشاركاتُهم في الأنشطة التّعليمية وضَبط معايير الأداء فيها التي تُجبرُهم على بذلِ جُهدٍ يتجاوز اعتقادهم بقدراتهم، والدّرجة التي تصل إليها البيئة الجامعيّة، ومنها مكتبة الجامعة، في قضائهم الوقت بالعمل الأكاديمي.
ومن المَحكّات المُهمّة أيضاً «مَحكّ نموذج التعلّم»، لذلك أكّدت مجالس ضَمان جَودة التّعليم العالي وهيئات الاعتماد «عالميّاً» على ضرورة التحوّل في البناء التخصّصي والبرامجي بالانتقال من «نموذج التّعليم» إلى «نموذج التعلّم»، فَوِفقاً لهذا النّموذج يكون دور عضو هيئة التدريس مصمِّمَاً لعملية «التعلّم» ومُشارِكاً للطلبة فيها، كما تتحدّدُ في هذا النموذج أدوارَ القيادة الإداريّة والأكاديميّة والمتخصّصين بالأقسام العلميّة في عمليات التّطوير المستمر لمحتوى المواد الدراسيّة وطرائقها التّربوية واستراتيجيات وتكنولوجيا وتقنيات التّعليم المستخدمة، وتتحدّدُ أدوارَهم كذلك في متابعة التغيّرات بالقيم المؤسّسية وفقاً لقطاعاتها، وفي متابعة التغيّرات باهتمامات الطلبة واحتياجاتهم ومطالبهم، وفي مواكبة التطوّرات في معايير الاعتماد وفُرص التّوظيف، وفي تطوير وتحديث الموارد المُتاحة بالجامعة لدعم تعلّم الطلبة مثل: المراكز التّعليمية، والخدمات التّكنولوجية، والخدمات الطلابية، والمكتبات، بخاصّةٍ مع ظهورِ تحدّياتٍ عديدة أمام هذه الموارد، ومن أهم مصادر هذه التحدّيات هو الطلبة أنفسهم كضَعف قدرتهم على التعامل مع الكتاب والقراءَةِ فيه بطريقةٍ فعّالة، بخاصّة في العقدين الأخيرين في ظلّ التغيّرات التكنولوجيّة والتقنيّة والثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وغيرها من تغيّراتٍ ذات صلة، وهذا قد حدا بعددٍ من المتخصّصين والجامعات مثل جامعة «University of California-Berkeley» إلى الاهتمام بمساعدةِ الطلبة على التعامل مع الكتابِ والقراءَةِ فيه بطريقة فعّالة.
أما المصدر الثاني من التحدّيات أمام الموارد المُتاحة في دعم تعلّم الطلبة فهو الجامعة نفسها كضَعف اهتمامها أو ضَعف قُدرتها على توفير الكتاب الجامعي والقراءات المُساندة له بما يُحقق الكفاية لحاجة طَلَبَتِها في مكتباتها، ويترتّبُ على هذا الضَّعف تقصير الطلبة في أداء مَهمّاتهم الفكريّة والإبداعيّة والتعلّمية وفق المستويات الرفيعة لمعايير التّحدي والإنجاز الأكاديمي، وبالتالي إضعاف «محكّ المعايير»، كما يترتّبُ عليه حدوث مشكلاتٍ متعدّدة أمام الطلبة وتعثّراتٍ أكاديميّة لهم وآثارٍ نفسيّة عليهم، وفي ارتفاع سعر الكتاب وتكاليف الحصول على القراءات المُساندة له، لذلك عَمِلَت عددٌ من الجامعات مثل جامعة «Northern Illinois University»، وجامعة «University of California Irvine»، وجامعة «University of Western Australia»، على خدمة طَلَبَتِها بنشر قوائمِ بياناتٍ وافيةٍ بالكتب والقراءات المُساندة لها المُتوافرة في مكتباتها عبر شبكات ومنصّات ووسائل النّشر والتّواصل المعتمدة فيها، وكذلك خدمتهم بنشر قوائم بيانات وافية أخرى بالكتب والقراءات المُساندة لها التي تسعى إلى توفيرها في مكتباتها وفقاً لخطط برامجها التعليميّة وما يطرأ عليها من تطوير.
أخيراً: قبل المعياريّة كانت جَودة الكتاب الجامعي تقوم عند أساتذة الجامعات في السبعينيّات والثمانينيّات من القرن العشرين، وربما قَبلهما، وعندنا نحنُ طلبة الجامعات آنذاك، على اعتبار «السّمعة العلميّة الرّفيعة للمؤلف» في مجال التّخصّص الدقيق للمادّة الدراسيّة، وللحديث بقيّة في الكتاب الجامعي. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك