رجا طلب : الاحتلال واللعب بالورقة الدرزية!

لم يغير الاحتلال منذ احتلال فلسطين في اواخر الاربعينيات من القرن الماضي الى اليوم من رؤيته الاستراتيجية لكيفية التعامل مع المحيط العربي واضعافه قدر الامكان اما بالحرب او بالسلام او بصناعة الفتن وتغذية الصراعات الداخلية.
لبنان كان اول التجارب وانجحها.
يقول المؤرخ «افي شلايم» في كتابه (الجدار الحديدي: اسرائيل والعالم العربي) ان «خطة الصنوبر الكبرى» والتى اعتمدت في ديسمبر من عام 1981 صممت للتدخل العسكري المباشر لدعم قوات الكتائب والقوى المسيحية الاخرى والقضاء على الفصائل الفلسطينية والقوى اللبنانية المتحالفة معها وذلك بعد سنوات من افتعال اسرائيل للحرب الاهلية عام 1975 في لبنان بين تلك الفصائل والكتائب والقوات المسيحية الاخرى، ورغم هزيمة مشروع سعد حداد وانطوان لحد بعد انتصار المقاومة عام 2000 الا ان آثار هذا الضخ الطائفي منذ اواخر ستينيات القرن الماضي في لبنان ما زالت آثاره باقية مجتمعيا وسياسيا الى يومنا هذا (بالمناسبة حاولت اسرائيل لعب هذه الورقة في الاردن حيث كانت الذروة في ايلول من عام 1970 الا ان حكمة الحسين رحمه الله ومهنية الجيش العربي والمخابرات العامة قضت على الفتنة قبل ان تستفحل ميدانيا ومجتمعيا).
يبدو أن الظروف التى تمر فيها الشقيقة سوريا من ضعف للسلطة المركزية وادواتها الامنية والعسكرية اغرت اسرائيل في البدء بتفتيت النسيج الوطني السوري وخلق صراعات قائمة على خلفيات قومية واثنية ودينية لاضعاف سوريا المجتمع والدولة لتكون نموذجا شبيها بالحالة العراقية واللبنانية ومن ابرز الرؤى والخطط التى وضعت لتقسيم سوريا هي:
اولا: نظرية «الطوق الضعيف» التى صيغت في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي وقام بوضعها دافيد بن غوريون والياهو ساسون وموشيه شاريت وريئيل بار – تسفي واوري لوبراني والمقصود بها سوريا بشكل خاص وقتذاك.
ثانيا: وثيقة «خطة ينون» والمنسوبة لضابط المخابرات عوديد ينون والخطة موجودة عمليا على طاولة «الكابينت» الاسرائيلي حاليا والتي تتحدث عن تقسيم سوريا الى اربعة كيانات وهي:
دولة علوية في الساحل، دولة سنية في الداخل اي الوسط، كيان كردي في الشمال الشرقي، وكيان درزي في الجنوب، ويبدو ان هذا الكيان هو الاكثر نضجا الآن من الكيانات الاخرى وذلك بحكم الوجود الدرزي المؤثر داخل اسرائيل والذي تم استثماره بالفعل خلال الفترة الماضية اقصد الفترة التي اعقبت سقوط نظام آل الاسد، فمن غير المنطقي ان يتطور التسجيل الصوتي المنسوب لشخص مجهول من الطائفة الدرزية والذي تطاول فيه على النبي محمد عليه الصلاة والسلام الى شرارة تشعل فتنة داخلية في السويداء بسرعة النار في الهشيم ووقوع اشتباكات مسلحة في جرمانا بريف دمشق وسقوط قتلى، واللافت في الامر سرعة رد الفعل الاسرائيلي الرسمي ودروز فلسطين المحتلة وفي مقدمتهم «شيخ العقل» موفق طريف المقرب جدا من نتنياهو والذي دعا مباشرة الى تدخل اسرائيلي لحماية الدروز في سوريا وهي كما يعلم الجميع حجة واهية وسخيفة ومضحكة وهي دعوة لزعزعة الامن الرخو اساسا في سوريا والاهم البدء بتأسيس «جيب درزي» جنوبي سوريا وهو ما تم التعبير عنه بشكل واضح وفاضح على لسان اسرائيل كاتس ووزير الخارجية جدعون ساعر بالقول ان اسرائيل ستعمل على اقامة منطقة عازلة في جنوبي سوريا «لحماية الدروز»، وقامت باستخدام سلاح الجو في ضربة اسمتها استباقية ضد «مجموعة متطرفة» لم تحدد هويتها في بلدة صحنايا بزعم ان هذه المجموعة كانت تخطط لمهاجمة قرى درزية وان «اسرائيل» ملتزمة بحماية الدروز في سوريا.
المخطط بات واضحا ودروز لبنان وفي مقدمتهم السيد وليد جنبلاط حذروا من ذلك الا ان (الثوري وئام وهاب بات يصطف مع اسرائيل الآن)، كما ان شيخ العقل في سوريا حمود حناوي احد ثلاثة مراجع للطائفة في سوريا اعلن بصورة قاطعة رفضه لاي تدخل خارجي في الازمة الحالية ودعا الى درء الفتنة الطائفية وقال ان «هويتنا سورية ووطنية ولن نساوم عليها».
المخطط ما زال في بداياته.. والصمت العربي والضعف الاقليمي واقصد هنا بصورة خاصة تركيا امام ما يريده نتنياهو غريبا وملفتا وما تريده اسرائيل في سوريا ان استمر الحال على ما هو عليه سيصبح واقعاً يصعب تغييره، وسيشكل مدخلا ومبررا لقيام كيان كردي اكثر خطورة وآخر علوي وستصبح دمشق عاصمة معلقة في الفضاء لدولة على حافة البقاء. ــ الراي
Rajatalab5@gmail.com