الأخبار

فيصل الشبول يكتب : حصانتنا ضد التطرف

فيصل الشبول يكتب : حصانتنا ضد التطرف
أخبارنا :  

قبل خمسين عامًا، ومع بداية الحرب الأهلية، دخل لبنان مرحلة الفصائل. تحولت الأحزاب إلى ميليشيات، ونشأت حركات وأحزاب حملت السلاح ومارست العنف، فضعفت الدولة، وما زال لبنان الشقيق ضحية دمار تلو آخر.
قبل خمسة وثلاثين عامًا، وفي أعقاب احتلال الكويت ودخوله في مواجهة مع الغرب، استفاد منها الجار الإيراني، دخل العراق المحاصر، هو الآخر، في مرحلة التفكك، ولا سيما بعد سقوط النظام السابق. ضعفت الدولة العراقية، وبحكم الأمر الواقع تغير شكلها، وتكرست هيمنة أحزاب وهيئات وميليشيات في زمن الفصائل المستمر حتى يومنا هذا.
وقبل ستين عامًا دخلت القضية الفلسطينية مرحلة الفصائل، رغم الآمال العريضة آنذاك بأن تمثل حركة التحرير الوطني الفلسطيني مظلة لجميع الفلسطينيين. نشأت فصائل فيما بعد، وتشكلت منظمة التحرير الفلسطينية لجمعها ضمن مظلة واحدة.
على مدى ستين عامًا، تعددت الفصائل ودخلت مراحل عدة من الاتفاق والفراق والانقسام والاستقطاب، واليوم ما زال الانقسام يهدد القضية الفلسطينية ويعطي أعداءها ذريعة غياب الصوت الواحد.
تاليًا، ومنذ انطلاقة الربيع العربي قبل خمسة عشر عامًا، وزلزاله الذي ضرب أنظمة واقتصادات وعملات عربية، إضافة إلى الاختلالات الأمنية، دخلت سوريا واليمن وليبيا والسودان في نفق الفصائلية والعنف والقتل والدمار. صار كل فصيل أقوى من الدولة.
جرح الربيع العربي ما زال يؤلم مصر وتونس على الصعيد الاقتصادي، لكنهما لم تدخلا في متاهة الفصائل وانعدام الأمن. واستعادت المؤسسات فيهما زمام المبادرة والاستقرار.
هكذا تُفهم حساسية الأردن والأردنيين من انكشاف أمر المخططات ومحاولات المتطرفين ضرب الأمن الوطني ورفع السلاح في وجه الدولة، والتحضير لأعمال إرهابية.
ليس هذا فحسب، فالأردن اكتوى بنيران الإرهاب غير مرة. والأردنيون لن ينسوا شهداء الاعتداءات الإرهابية، والأيادي الآثمة التي اغتالت وقتلت ودمرت. لن ينسوا أنهم ذات ليلة من عام 2005 شعروا، ولو لساعات معدودات، أن عمّان قد تفقد أمنها، وأن الإرهاب يضرب الفنادق ويقتل حتى المحتفلين في حفل زفاف.
الإرهاب يبدأ بفكرة، وينمو في بيئة حاضنة، وينتهي بسلوك وفعل تتسع دائرته، وربما يُلهم ويُحفز آخرين، فتقع الكارثة كما وقعت في الكثير من الدول الشقيقة. خلط البعض في استثمار مشاعر الناس بحجة نصرة الشقيق وتحقيق مكاسب ضيقة. رفعوا سقف شعاراتهم، ووجهوا أصابع الاتهام في كل اتجاه، حتى للداخل، واستغلوا حماسة الشباب. هذا بعض من مفهوم البيئة الحاضنة.
الأصابع الخارجية التي تُؤشّر بالاتهام للأردن اليوم، والحملات عبر وسائل الإعلام، يعرف الأردنيون توجهاتها وتمويلها، وكذلك الحملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أطراف تبدو معادية لبعضها في الظاهر، يجب ألّا تصرفنا عن التركيز على صيانة وحدتنا الوطنية وتماسكنا، والوقوف خلف قيادتنا، ودعم مؤسساتنا الدستورية والسيادية في مواجهة الكوارث السياسية والأمنية من حولنا.
دولة القانون والمؤسسات والمشاركة في صنع القرار هي التي صمدت، وهي التي ستصمد دومًا في مواجهة المخاطر الكبرى.
مؤسساتنا الدستورية والسيادية والمشاركة، ومؤسسات المجتمع المدني، والإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية، والمراجعة المستمرة للتشريعات والخطط والبرامج، هي ما تعنيه دولة القانون والمؤسسات، ولا مكان للفصائل والميليشيات.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك