حسين الرواشدة يكتب: كفى تشكيكاً : الدولة الأردنية لا تُقايض
![حسين الرواشدة يكتب: كفى تشكيكاً : الدولة الأردنية لا تُقايض](/assets/2025-02-13/images/281109_1_1739394913.jpg)
باسم الأردنيين، قال الملك : لا للتهجير، هذا الموضوع انتهى، ولم يعد مجالا للنقاش العام او التفاوض السياسي، بوسع الذين مازالوا يشككون بهذا الموقف، أو يغمزون فيه، سواء في الداخل أو الخارج، أن يفحصوا انتماءهم لبلدهم وعروبتهم ودينهم، معقول يتجرأ أحد التيارات السياسية في بلدنا على إصدار بيان بعد قمة الملك مباشرة، يحذر فيه الدولة، بالنيابة عن الشعب الأردني، من مقايضة السيادة بالمساعدات، دون أن يشير في بيانه إلى موقف الأردن والملك من هذه القضية المحسومة بـ(لا) كبيرة، ودون أن يبادل موقف الأردن والملك التقدير والتأييد والاعتزاز، ألا يستدعي مثل هذا الإعلان الذي تزامن مع هجمة خارجية ضد بلدنا، من الذين اطلقوه ان يعتذروا، ومن الجهات المسؤولة ان تسألهم وتحاسبهم؟
لا مجال اليوم للمواقف المزدوجة، أو الاختباء تحت عباءة الأردنيين لتوجيه السهام نحو الدولة والنظام السياسي، لا مجال للاستقواء، باسم أي تنظيم أو قضية، على هوية الأردن ومواقفه، إما أن تكون في صف الدولة ومع قرارها وخيارها بلا مواربة، وبدون استخدام « تُقية» سياسية، وبدون عملية توزيع ادوار مكشوفة ومغشوشة، وتعلن ذلك بكل ما تتطلبه الظروف من وضوح ومباشرة، ومن صدق وصرامة، وإما أن تكشف عن وجهك الحقيقي، وتعلن انحيازك لأي مشروع آخر تتبناه وتدافع عنه، او ان تصمت، على الأقل، حتى تمر هذه المرحلة، نحن في لحظة تاريخية سقطت فيها كل الأقنعة، ويجب أن نتوقف فيها عن كل المجاملات والمداهنات، بقي، فقط، أن تكون مع الأردن او أن لا تكون.
الأردن في مواجهة مشروع كبير يستهدف تصفية القضية الفلسطينية على حسابنا، موقفنا واضح : لن نقبل ذلك ولن نكون جزءا منه، أولوياتنا هي حماية الأردن والدفاع عن مصالحه العليا.
صحيح نتحدث بخطاب عقلاني، وبمنطق السياسة الحكيمة التي تعرف توازنات القوى في العالم، وتدرك ما تملكه من أوراق وأدوار لدخول سباق المسافات البعيدة في معركة سياسية شرسة، بدأت، ومن المبكر التكهن بموعد حسمها، لكن الصحيح، أيضاً، الأردن ما زال وسيبقى قوياً صامداً لن يخون تاريخه، ولن يفرط بمصالحه، ولن يتنازل عن حق أشقائه في تقرير مصيرهم.
دعونا، منذ أكثر من سنة، إلى وحدة الجبهة الداخلية والخطاب الوطني، ذكّرنا، مراراً، أن ساعة الحقيقة دقّت، وأنه لا يجوز لأي تيار سياسي أردني أن يغرد خارج السرب الوطني، الاجتهاد الخطأ لا يختلف احيانا عن الخيانة، لكن البعض، للأسف، حاول أن يلعب على أوتار غزة المنكوبه، أو يركب على ظهر القضية الفلسطينية، نحن جميعا مع فلسطين وحق شعبها في إقامة دولته، الأردن قدم ما لم يقدمه أحد من مساعدات وتضحيات من أجل ذلك.
الآن، يبدو أن المسألة لم تكن «رمانة وإنما قلوب مليانة»، بعض الخطابات وصلت إلى حد تخوين البلد، وتبادل الأدوار لإضعافه والتشويش عليه، آخرها هجمة ما بعد لقاء الملك - ترامب، وحملة حرف البوصلة ضد موقفنا من التهجير، حصل ذلك باستخدام التشتيت للتوافق الوطني، والتشكيك بقدرة الدولة الأردنية على مواجهته، من يقول غير ذلك فليراجع مضامين هذه الحملة التي تولتها مليشيات إعلامية معروفة لبث السخط بين الأردنيين، وتحريضهم على بلدهم، وانتزاع أي إنجاز يصب في رصيده.
يدرك الأردنيون أن بلدهم يواجه موقفا صعباً، وأن الصخرة التي تتكسر عليها محاولات استهدافهم هي صلابة جبهتهم الداخلية ومنعتهم الوطنية، لديهم القدرة على مواجهة أعداء الخارج، ويملكون ما يلزم من أوراق لإدارة معركتهم السياسية، لديهم عنوان واحد هو (مصلحة بلدنا)، يبقى، فقط، أن نتكاتف -الدولة وقوى المجتمع المؤمنة بها والحريصة عليها - لردع محاولات النخر في عصبنا الوطني ولجم الأصوات النشاز التي تصرخ في وجوهنا لاختطاف الدولة بعناصر قوتها، وتستبسل لوضعنا في دائرة الاتهام لنبقى منشغلين بالدفاع عن أنفسنا، هؤلاء نقول لهم : الأردن سينتصر، ولن يسامحكم الأردنيون أبداً.