حسين الجغبير يكتب : الملك يمهد لما بعد لقاء ترامب
![سين الجغبير يكتب : الملك يمهد لما بعد لقاء ترامب](/assets/2025-02-13/images/281127_1_1739396263.jpg)
حسين الجغبير :
أنجز جلالة الملك في واشنطن مهمة طرح السردية العربية فيما يتعلق بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر، مؤكدًا أن الأردن لن يقبل إلا بما يخدم مصالحه بهذا الخصوص، وهذه المصالح بالتأكيد عنوانها أن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين. في أول لقاء لترامب مع زعيمٍ عربي أكد جلالة الملك أن العرب سيقدمون خطة لأميركا قوامها إعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه، بل ستذهب الخطة إلى أبعد من ذلك حيث التأكيد على ضرورةِ إحياء عملية السلام وصولًا لحل الدولتين وهو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع القائم، ومنح الفلسطينيين حقهم في دولتهم وحريتهم، مستندين في ذلك على موقف إسلامي ودولي داعم لهذا الطرح، ورافض لمقترح ترامب في تهجيرِ سكان القطاع، وتحويل غزة إلى مدينة مثالية بعد طرد أهلها منها. العقلية التجارية التي ينطلق منها ترامب تواجه رفضًا كبيرًا من كافة الدول، بل أيضًا رفضًا من مؤسسات أميركية ترى في ذلك ضربًا من الجنون. الملك حقق ما يريده في لقائه مع ترامب، وهو تأكيده على رفض الأردن للتهجير، وأن الملف بات اليوم عربيًا موحدًا، بدبلوماسية عالية من جلالته الذي بالتأكيد لم يرد الدخول في صدام مباشر خلال اللقاء، حيث قدم طرحًا عمليًا لأبعاد وأخطار المقترح الأميركي الذي لا يرضي في العالم سوى دولة الاحتلال، ولا شك أن السردية الأردنية التي طُرِحت في اللقاء الموسع تركت رسالة واضحة بأنه من شأن المشروع الترامبي إدخال المنطقة في دوامة من عدم الاستقرار، والعنف، لدول مستقرة، وأن ذلك لن يحقق السلام في الشرق الأوسط، وربما تكون إسرائيل نفسها متضررة من هذا المشروع أمنيًا، وسياسيًا. بعد نهاية اللقاء بعث جلالة الملك رسائل حول موقف الأردن الرافض للتهجير وأنه حرص على تأكيد ذلك خلال مباحثاته مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، في الوقت الذي نجح فيه جلالة الملك في كسب مزيدٍ من الوقت في المعركة العربية مع ترامب بخصوص قطاع غزة، بانتظار الكشف عن تفاصيل الخطة العربية، والقمة الطارئة في القاهرة والتي سيسبقها اجتماع في الرياض بدعوة من ولي العهد السعودي. استعراض ترامب أمام الصحفيين أمس، قابله حنكة وذكاء من جلالة الملك الذي عرف كيف يدير الجلسة وتحويل الأنظار نحو الموقف العربي الثابت والموحد، والرافض لتهجير الغزيين من القطاع نحو دول أخرى، وكانت إجابات جلالته واضحة لا لبس فيها، فلم يذهب جلالته لتقديم الولاء والطاعة لترامب، بل من أجل وضع الملف على طاولة النقاش بكل قوة، وشرح مخاطره وصعوبة تحقيقه تحت أي ظرف.
ــ الانباط