جهاد المومني يكتب : ماذا يعني (تشجيع) الغزيين على الهجرة
![جهاد المومني يكتب : ماذا يعني (تشجيع) الغزيين على الهجرة](/assets/2025-02-13/images/281107_1_1739394867.jpg)
لقد ثبت اليوم ان خطط اسرائيل بتدمير شمال القطاع ليصبح غير قابل للحياة كان مدبراً ومتفق عليه مع واشنطن قبل مجيء ترامب وفي زمن ادارة (الحمائم) في البيت الابيض بايدن المتصهين ومجموعته، فما تظهره مشاهد الدمار يؤكد على ان اسرائيل ارادت ان يقرر الفلسطينيون بانفسهم عدم البقاء في ارض باتت مقبرة لاي شكل من اشكال الحضارة، ركام ومقابر جماعية واحياء يزحفون نحو بقايا مدن ومخيمات لم يعد لها وجود، البنية التحتية اختفت، والاشجار والحقول الزراعية اما انها حرقت او قطعت تحت جنازير الدبابات.
لم يبق من سبب للبقاء على هذه الارض او العودة اليها غير الوطنية وحب الارض والانتماء الى فلسطين وهذه مبادئ وثوابت مكلفة ليس على الغزيين تحملها، هذا ما فكرت به العقلية الاجرامية الاسرائيلية قبل ان تنهي الحرب على هذه المشاهد المروعة المفزعة، وهذا ما تعتبره الخطوة الاولى في مشروع (تشجيع ) الفلسطينيين على المغادرة والهجرة الطوعية الى حيث يريدون. ترامب استبق الخطوة التالية من برنامج التشجيع وحمل رسالة اسرائيل بتهديد غير مسبوق في التاريخ باعلانه الاستيلاء على قطاع غزة بعد ان تسلمه اسرائيل له، تهديد يراد منه الترهيب لقبول الفلسطينيين بالرحيل طواعية.
ما الذي ستفعله اسرائيل الان؟ سوف تفتح الابواب على مصاريعها لمغادرة الفلسطينيين الى حيث يريدون ويستطيعون، لكن مشروع اسرائيل يحتاج الى عاملين اساسيين اولهما رغبة الفلسطينيين بالمغادرة، وهذا يعتمد على قدرتهم على تحمل ما خلفته صواريخ اسرائيل وقنابلها الذكية من تدمير للحياة في غزة، والعامل الثاني قبول دولة او اكثر باستقبالهم، فهل يتحقق العاملان لغرور اسرائيل؟
هذا يمكن ان يحدث اذا مضت اسرائيل ببرنامج (التشجيع) وأوصلته الى الذروة بدفع تعويضات مجزية لمن يغادر فيجد دولة تستقبله لانه بالمال لن يكون عالة عليها، لكن من اجل ضمان تحقيق الهدف الأكبر وهو التهجير الطوعي يجب ان تجد اسرائيل بوابات لمن يرغب بالخروج الى حياة أفضل له ولعائلته اذا وجد ارضاً ودولة تقبل بتهجيره، فماذا ستفعل اسرائيل ما دامت مصر قادرة على اغلاق معبر رفح ومنع خروج الفلسطينيين من ارضهم تحت اي ظرف كان وما دامت ترفض التهجير باصرار ؟ سوف تفتح كل المعابر باتجاه واحد لتيسير سفر الفلسطينيين عبر اراضيها او عبر البحر او جواً من خلال مطار رامون الذي اعد خصيصاً لهذه الغاية منذ سنوات، لكن تبقى قضية الوصول وهي الاهم، فالاردن ومعه مصر والسعودية قال كلمته قوية مدوية، لا للتهجير ولن نقبل به، ولن نشارك في ظلم الفلسطينيين ونشجعهم على الرحيل عن ارضهم، وسوف يعاد بناء غزة مع بقاء اصحابها فوق ارضها، هذا هو الموقف العربي الموحد من جريمة التهجير التي تدبر في البيت الابيض وتستعد اسرائيل لتنفيذها، فهل ينجح مشروع الاستعمار الاستثماري الجديد في غزة..!؟
الجواب عند التاريخ، فلطالما ساهمت الولايات المتحدة بمؤامرة التهجير الطوعي او ( الناعم ) منذ عقود من الزمن، بل كانت الطرف المدبر والراعي لها، وذلك بتقديم عروض أميركية مغرية جداً لمن يرغب بالمغادرة من الفلسطينيين الى خارج فلسطين وعدم العودة، وشملت تلك العروض تقديم ملايين الدولارات مقابل ترك بيوت لها تاريخها في القدس الشرقية وفي اماكن أخرى من فلسطين تعتبرها اسرائيل جزء من سرديتها لتزييف الحقائق وتشويه الحاضر ببراهين تثبت انها جزء من هذا التاريخ المصطنع، وفوق ذلك اغدقت الولايات المتحدة بكرمها الفائض بمنح الجنسية الاميركية لمن يهاجر طوعاً من اصحاب هذه البيوت ويترك كل شيء وراءه لمستوطنين غرباء وينفصل كلياً عن تاريخه وتاريخ عائلته ويبيع كل ذلك ليذهب للعيش في الولايات المتحدة، نجحت الولايات المتحدة في بعض الحالات من التهجير الطوعي الناعم، لكنها لم تنجح في تفريغ فلسطين من أهلها لاحلال المستوطنين مكانهم، وتكررت المؤامرات منذ الثلاثينيات من القرن الماضي وعلى مدار الاجيال الفلسطينية وما يغيض الاسرائيليين ورعاتهم الاميركيين ان الشعب الفلسطيني بعدما تعلم درساً تاريخياً عام 1948 بات يتضاعف عدداً ويزداد تمسكاً بارضه بينما المستوطنون يتناقصون. ــ الدستور