الأخبار

د. خالد الشقران يكتب : تهجير الفلسطينيين من أرضهم انتهاك صارخ للقانون الدولي

د. خالد الشقران يكتب : تهجير الفلسطينيين من أرضهم انتهاك صارخ للقانون الدولي
أخبارنا :  

تسعى الحكومة المتطرفة لدولة الاحتلال الاسرائيلي وبكل السبل المتاحة، لتنفيذ مخططاتها الرامية الى اقتلاع وتهجير الفلسطينيين بشكل عام والغزيين بشكل خاص من ارضهم والعودة الى احتلال مناطقهم عسكريا، وتسوية مبانيها بالأرض، واستبدال مشروعات اقتصادية وسياحية بها تحت مسميات واهية، وفي حقيقة الامر ان كل هذه الاحاديث عن عمليات التهجير المزمع تنفيذها انما هي مجرد اعمال استفزازية عابرة، وهي تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

فمسألة التهجير لاي شعب من حيث المبدأ تتناقض جوهريًّا مع مبادئ القانون الإنساني الدولي، حيث تُجرم الاتفاقيات الدولية، مثل البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف (1977) ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، عمليات التهجير القسري للسكان المدنيين وتصنفها كجريمة حرب إذا ما وقعت على نطاق واسع. فكيف اذا كانت المسألة تتعلق بالشعب الفلسطيني الذي عانى تاريخيا ويحمل ذكرى مؤلمة مع سياسات التهجير القسري خلال نكبة 1948، والتي ما زالت دولة الاحتلال الاسرائيلي تواجه إدانات دولية بسببها وبسبب استمرار انتهاكاتها في الأراضي المحتلة، وعليه فإن تكرار مثل هذه السيناريوهات تحت مسمى «المشاريع التنموية» يُكرّس سياسة التطهير العرقي وينتهك مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، الذي أكد عليه قرارا الأمم المتحدة 242 (1967) و 338 (1973).

من الناحية القانونية، تحظر اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على القوة المحتلة تغيير التركيبة الديمغرافية أو الجغرافية للأراضي المحتلة، وهو ما ينطبق بشكل مباشر على المقترحات المتعلقة بتحويل غزة إلى منطقة سياحية بعد إفراغها من سكانها، كما أن قرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 446 (1979)، أدانت المصادرة الإسرائيلية للأراضي واعتبرت الاستيطان غير شرعي، ناهيك عن ان هذا المسار يُذكّر بسياسات الاستعمار الاستيطاني التي تعتمد على محو الهوية الأصلية للأرض، كما يحدث حاليا في الضفة الغربية مع تهجير الفلسطينيين لصالح المستوطنات، وهو ما أشارت إليه تقارير أممية متعددة.

أما فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية، فإن حق العودة المكفول بموجب القرار الأممي رقم 194 (1948)، والذي أعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيده عشرات المرات، يشكل إجماعًا دوليًّا لا يمكن تجاوزه. وكانت محكمة العدل الدولية قد أكدت في رأيها الاستشاري حول الجدار الفاصل (2004) أن حقوق الفلسطينيين، بما فيها حق تقرير المصير، غير قابلة للتفاوض. وبذلك فإن أي محاولة لفرض تهجير جديد على سكان غزة، تُعتبر محوًا متعمدًا لهذه الحقوق وتجاهلًا للإرادة الدولية التي دعمت حل الدولتين عبر عقود، كما في قرار مجلس الأمن 2334 (2016).

وفي هذا الاطار فإنه لا يمكن فصل محاولات سلطات الاحتلال هذه عن السياق السياسي الأوسع الذي يشهد تصاعدًا في الخطابات اليمينية المتطرفة التي تستهدف الشرعية الفلسطينية. فتحويل غزة إلى مجرد مشروعات استثمارية بعد تدميرها ليس إلا استمرارًا لنهج استعماري قديم، يعامل الأرض والسكان كأدوات قابلة للتفريغ والإحلال، وهذا يتطلب ردًّا دوليًّا فاعلاً، بدءًا من تحريك مجلس الأمن لفرض التزامات القانون الدولي، ومرورًا بتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في أي خطوات تنفيذية لمثل هذه المقترحات، ووصولًا إلى ضغط دولي على الولايات المتحدة لوقف دعمها اللامحدود لسياسات تنتهك الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.

جملة القول إن محاولات تهجير الشعب الفلسطيني وتحت اي مسمى او ذريعة, اضافة الى خطورتها، تذكّر العالم بأن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة تظل المرجعية الأخلاقية والقانونية التي تحمي حقوق الشعوب المقهورة، وان التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه الأدوات إلى إرادة سياسية فعّالة توقف محاولات طمس الحق الفلسطيني، وتؤكد أن الأرض والهوية ليستا سلعًا قابلة للمساومة في صفقات استعمارية جديدة. ــ الراي

مواضيع قد تهمك