حسين الجغبير يكتب : الأردن يجني ثمار دوره الإقليمي
حسين الجغبير :
قطفَ الأردن اليوم ثمار سنواتٍ من الجهد والعطاء في بناء شبكة علاقات متينة مع دول العالم، التي تؤمن اليوم بأهمية المملكة ودورها في الإقليم، وتعتبرها ركيزة أساسية من ركائز استقرار المنطقة في كافة الملفات، عبر توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين الأردن والاتحاد الأوروبي بقيمة ثلاثة مليارات يورو للأعوام 2025 إلى 2027. وفي الوقت الذي شكك المشككون بدور الأردن في ملفات عربية سواء تتعلق بسورية أو لبنان أو العراق أو فلسطين، ومكافحة الإرهاب، في محاولةٍ منهم للانتقاص من محورية المملكة، كان الاتحاد الأوروبي يثمن ما يقوم به الأردن عبر هذه الاتفاقية التي تأتي بعد نحو عشرة أيام من تجميدِ الولايات المتحدة الأميركية مساعدتها للأردن، ما شكل ضغطًا ماليًا على المملكة. عندما كان البعض يعتبر أن تجميدَ المساعدة الأميركية للأردن سيؤثر على المملكة، كنا نؤكد على أن الأردن دولة لا يهزها مساعدات بنحو مليار ونصف مليار دولار، صحيح لها تأثيرها، لكن ليس من شأنها وضع المملكة وماليتها واقتصادها في مهبِ الريح، وكان التأكيد على جلالة الملك يتمتع بعلاقات لا يستهان بها سواء مع مؤسسات أميركية لها تأثيرها على صانع القرار هناك، أو مع الاتحاد الأوروبي الذي أزاح الأردن عن كاهله الكثير من الأعباء وعلى رأسها أزمة اللجوء السوري، ومساعٍ في تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة. وتنص الاتفاقية عن تقديمِ حزمة من المساعدات المالية للأردن بقيمة 3 مليارات يورو للأعوام 2025-2027، تتضمن منحًا بقيمة 640 مليون يورو، واستثمارات بحجم 1.4 مليار يورو، ومخصصات لدعم الاقتصاد الكلي تقدر بنحو 1 مليار يورو، حيث تؤكد الاتفاقية على تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية، والأمن والدفاع، والمنعة الاقتصادية والتجارة والاستثمار، والموارد البشرية، ودعم اللاجئين والدول المستضيفة، وتهريب المخدرات والأسلحة، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، ودعم قطاعات عديدة كالمياه والطاقة والتكنولوجيا وريادة الأعمال. ومن أبرز ما جاء في الاتفاقية أيضًا، ويعتبر تأكيد على الموقف الأوروبي التاريخي بخصوص القدس، فجددت أوروبا على تمسكها بالحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس، وعلى أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. تحديات عديدة يواجهها الأردن، وتحديدًا مع تطورات المنطقة وتصاعد الأحداث والمتغيرات فيها، مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض كانت عمان قد عانت منها مسبقًا إبان وجودها الأول، وتعرضت لضغوط كبيرة بخصوص ما كان يسمى بـ"صفقة القرن"، كل هذا كان له دور في تفعيل العلاقات الأردنية مع دول العالم، والتي أثمرت عن الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، وفي ذلك رد واضح على كل أصحاب أجندات حاولوا التشكيك بدور الأردن وأهميته، وجهده المبذول في ملفات الإقليم، وعلاقاته المتطورة والتاريخية مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث تأتي هذه الاتفاقية لتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة.
ــ الانباط