فارس الحباشة : صواريخ الحوثيين
في شهر تموز الماضي صواريخ الحوثيين دكت تل ابيب. ووصلت الى العمق الاستراتيجي الاسرائيلي. وأمس خرج نتنياهو يهدد ويتوعد الحوثيين بعدما اطلقوا صواريخ وصلت الى اطراف اورشليم.
ومن حرب طوفان الاقصى دخل الحوثيون التاريخ، ودخلوا في معادلة الصراع الاقليمي، والصراع العربي / الاسرائيلي.
و صواريخ الحوثيين، هؤلاء الحفاة والعراة، والمشردون في الجبال والجوعى والمحاصرون ارعبت اورشليم، وهزت عرش ملك دواود. وكأن نيران الحوثيين اصابت حجارة «هيكل سليمان « الموعود في التوراة. نتنياهو مصاب بداء وعصاب القوة المفرطة، وايدولوجيا القوة... واسرائيل تتهاوى من وراء ايدولوجيا الخراب والموت.
وكيف سوف تصمد وتبقى اسرائيل، وهي تتهاوى امام صواريخ الحوثيين وحزب الله؟
و في 25 من اب، كان يوما تاريخيا في الصراع مع اسرائيل.
و حيث اطلق حزب الله 340 صاروخا في عملية «الأربعين» على مستوطنات ومواقع عسكرية وامنية شمال فلسطين المحتلة، ووصلت الى عمق 30 كلم، ومسيرات حزب الله دكت تل ابيب، واستهدفت القاعدة الاستخباراتية 8200، وهي عقل وقلب ورئة شبكات التجسس والاستخبارات الاسرائيلية في الشرق الاوسط.
و فيما بعد عملية حزب الله، جاءت اخبار تؤكد عن مقتل قائد القاعدة الاستخباراتية، واضافة الى مقتل 25 ضابطا وجنديا اسرائيليا، واصابة 70 عسكريا. و قاعدة 8200 الاستخباراتية أخطر وأهم هدف عسكري وامني يستهدف في تاريخ حروب المقاومة مع الكيان المحتل. و بعد عملية حزب الله خرج قادة عسكريون يهددون ويتوعدون واطلقوا ساعة الصفر للعدوان على لبنان وحزب الله.
و فيما جاءت المراجعات وتقييم الحال العسكري عكس رغبة قادة الجيش ونتنياهو، وحيث تراجعت حدة خطاب التصعيد الاسرائيلي العسكري ضد حزب الله. و سار نتنياهو يبحث عن سيناريوهات بديلة في الحرب، وفتح جبهة في الضفة الغربية والحرب على المخيمات في جنين ونابلس وطولكرم، ورفع مستوى التصعيد العدواني المتوحش على جبهة غزة انتقاما، وتعبيرا عسكريا عن الفشل والاخفاق في الهجوم على لبنان وحزب الله.
من بداية حرب غزة، تمكن حزب الله ومحور المقاومة من توريط اسرائيل في حرب استنزاف. وخلق استعصاء عسكري على جبهات المقاومة، ورغم الدعم الامريكي والغربي المفرط والمفتوح، ومحاولة امريكا ان تفرض نصرا وحسما عسكريا لصالح اسرائيل في جبهة غزة.
و سعى وسطاء المفاوضات ان يفصلوا جبهة لبنان عن غزة. وان يفاوض حزب الله ولبنان على وقف لاطلاق النار مع دولة الاحتلال بعيدا عن العدوان على غزة والتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ترضى به المقاومة الفلسطينية في غزة، وحركة حماس تحديدا، وهذا ما رفضه حزب الله وامينه العام سماحة السيد حسن نصر الله، وعبر عنه في خطابه الاول بعد 7 اكتوبر.
حرب غزة تقترب من الدخول في عامها الاول.. واستراتيجة اسرائيل في الحرب وتحقيق نصر مطلق وحاسم، فرض سيطرة على قطاع غزة والقضاء على حركة حماس والمقاومة، واستعادة الاسرى بالقوة، والرهان على تراجع جبهات اسناد محور المقاومة، والدعم الامريكي لما وصف في سياسة الاحتواء والرعب، وذلك في جلب البوارج والاساطيل وحاملات الطائرات، وقد انكشفت امام صمود محور المقاومة وردعها الميداني لدولة الاحتلال.
نتنياهو خسر رهانات الضربة القاضية، والرهان على حرب كبرى والرهان على نصر حاسم.. وما يحاول نتنياهو الا يعترف به ان الصراع صار من الوجوب ان يرفع على طاولة التفاوض، ولا بديل عن ذلك. فلا اسرى سيعدون بالقوة ولا حماس قد انتهت ودمرت، ولا اسرائيل سيطرت على قطاع غزة.
على ماذا يراهن نتنياهو اذن؟ في شمال فلسطين المحتلة المدارس والمستوطنات لن تعود الى الحياة ما دام العدوان على غزة متواصلا.ـــ الدستور