الأخبار

د . رويده زهير العابد تكتب : التضليل الفكري وسبل مواجهته

د . رويده زهير العابد تكتب : التضليل الفكري وسبل مواجهته
أخبارنا :  

 الدكتورة رويده زهير العابد

على مر العصور والأزمنة أن من أخطر ما يهزم الثقافات والشعوب وكافة الأمم هو سريان سيول التضليل الفكري وتفتكه بين إفرادها. فهناك العديد من المنهجيات المتبعة للنيل من فكر المجتمعات بغزوها وتدميرها وإخراجها عن البوتقة الأخلاقية والاعتقادية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتعليمية التي تؤطر فكر أفراد المجتمعات.
وقد يتسأل القارئ ما هو التضليل الفكري وما بواعثهوما هي السبل التي قد يتم انتهاجهاوكيف نعمل على تحصين الأفراد من هجمات التضليل الفكري؟فيمكن القول باختصار أن مفهوم التضليلالفكري هو أسلوب من أساليب التلاعب الذهني والفكري ويتمباللجوء إلىإتباعأساليبوأدوات تهدف إلى رسم صورة مشوها غير حقيقية وغير واقعية بهدف غاية معينة وكما أنه قد يستهدف قناعات وقرارات الأشخاص وذلك من اجل تأطير فكرهم وبالتالي صب فكرهم في قالب معين. ويتمذلكمنخلالاستخدام عدة منهجيات مخططة ومدروسة تثير الشك والحيرة والارتباك بما هو حقيقي وواقعي وتتمثل بطرق عديدة ونذكر منها على سبيل المثال الإشاعات والتحريف،والمغالطاتاللفظيةوالمنطقية والتلاعببالمعلومات،والتحليلالانتقائي المستهدف كتسليط الضوء على بعض القضايا من خلال القنوات والمحطات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي لإثارة التضليل الفكري والجدلية نحو القضايا المختلفة على كافة الأصعدة سواء كانت على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الديني أو العلمي أو الفكري بهدف النصح والإرشاد ولكن هو عكس ذلك تماماً الهدف منه يكون هو التشويش الفكري والمعرفي للمعلومة الفكرية للفرد مما يؤدي به إلى الخلط بالمواضيع وبالتالي يصاب بالحيرة والقلق والتوتر والتشويش الفكريو المعرفي وبالتالي أبعادهم عن طريق الصواب.
والجدير بالذكر أن شيوع التضليل الفكري أصبحمنتشر بشكل واسع خصوصاً في ظل العصر الرقمي وثورة المعلومات والاتصالات ومستحدثات برامج الذكاء الاصطناعي التي قد يمكن من خلالها بث أفكار وهمية ضلالية تمكن الغازي من زعزعة الأمن السيبراني للأفراد والمجتمعات والدول فمن خلال برامج الذكاء الاصطناعي ينشر البرامج الخبيثة التي تقلد الأصوات وتنتج مشاهد مصطنعة لا تمت للواقع بصلة. أما عن أكثر الفئات والشرائح العمرية المستهدفة لتضليل فكرهم هم القدوات كالمعلمورب الأسرةوالشيخ لكونهم حجر الأساس في تشكيل شخصية الأبناء فأبنائنا يترعرعون ويتتلمذون على أيديهم، وعند نشر شاعات التشكيك بهم فأن الأبناء يصابون بالحيرة والشك والقلق وتتزعزع لديهم الثقة بالبوصلة المرجعية التي يحتكمون إليها تلك البوصلة التي تزودهم بالمعتقد والفكر والعادات والتقاليد والأعراف والسلوكيات الأخلاقية وتعلمهم الصح من الخطأ.
تالياً نجيب عن سؤال كيف نعمل على تحصين الأفراد من هجمات التضليل الفكري؟ يمكن القول بعد استدراج المعطيات السابقة الذكر أن المطلوب لحل أزمة التشويش والتضليل الفكري تبدأ بالقيادة الحكيمة الواعية الرشيدة الممنهجةوالتشاركية والتكاملية والتفاعلية التي تبني خطط مدروسة تهدف إلى نشر الوعي العام والتثقيف وبناء الفكر الناقد وتأطير فكرهم بإطار فكري مرجعي يشكل البوصلةالمحركه لهم والمرجعية لأقوالهم وأفعالهم وسلوكياتهم عامة عندما يتعرضون لسيل وطوفان وأدوات التضليل الفكري بحيث يعملون في تلك الأزمة الفكرية على استخدام مهارات التفكير الناقد والحوار والنقاش البناء، والجدير بالذكر أن ذلك يتحقق عبر التنسيق والتوافق بين قادةوأفراد وعناصرجميع أركان المنظومة التربوية بدء من الأسرة والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الدينية والإعلامية والاجتماعية والأندية الثقافية.



مواضيع قد تهمك