الأخبار

د . حسام العتوم : ماكرون إلى الصين .. للتنصت على روسيا

د . حسام العتوم : ماكرون إلى الصين .. للتنصت على روسيا
أخبارنا :  

بعد زيارة الدولة الناجحة للرئيس الصيني شي جين بينغ لموسكو بتاريخ 20 03 2023 ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مدار ثلاثة أيام، وتصريحه بأن بلاده ستقف بحزم إلى جانب روسيا لحماية القانون الدولي، تأتي زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون المرتقبة ترافقه رئيسة المفوضية الأوروبية - أرسولا فون- للصين مطلع شهر إبريل الحالي للإلتفاف على روسيا وللتنصت عليها بحجة فتح حوار مع بكين حول الحرب الأوكرانية التي يريد لها الغرب ألا تنتهي لأسباب بدت واضحة لا علاقة لها بسيادة أوكرانيا، وإنما لإستمرايرة الحرب الباردة وسباق التسلح اللذين إنطلقا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، وما سرع من زيارة ماكرون وقرب خروجه من قصر الإليزيه تجاه بكين هو إعلان موسكو نشر طائرات حاملة للقنابل النووية في بيلاروسيا بتاريخ 2732023 ردا على التهديد البريطاني بتزويد " كييف " بأسلحة نووية مخفضة القوة، ولقد أوضح الرئيس البيلاروسي – لوكا شينكا- بأن السلاح النووي الروسي الذي استلمته بلاده كان بحوزتها في الحقبة السوفيتية، والمعروف هو أن ماكرون التزم الحياد في جلسات النورمندي " مينسك 2 " ، لكنه إنحاز لجانب " كييف- زيلينسكي " بعد آخر زيارة له لموسكو في ظرف كورونا وجلوسه مع الرئيس بوتين حول طاولة في قصر " الكرملين " طولها عدة أمتار، والطلب من ماكرون السير خلف بوتين وليس إلى جانبه ، وهو الذي لاحظه زيلينسكي ، وأجلس ماكرون في " كييف " حول طاولة طبيعية صغيرة ، ويزور ماكرون بكين لتحقيق سلام روسي أوكراني في إطار القانون الدولي ، وبطبيعة الحال فإن لروسيا تفسيرها الخاص للقانون الدولي ، والغرب كله غير متفهم للتفسير الروسي للقانون الدولي ، وفي الوقت الذي تعتبر فيه روسيا دخولها للأراضي الأوكرانية السابقة مشروعا انطلاقا من إستخدامها للمادة القانونية في الأمم المتحدة رقم 51/ 7 التي سمحت لها بالدفاع عن سيادتها بعد إستهدافها من قبل " كييف " وعواصم الغرب عبر السلاح والمال الوفيرين وبحجم وصل مع مرور زمن الحرب إلى 150 مليار دولار ، وحركت روسيا عمليتها العسكرية الخاصة بتاريخ 24/ 02/ 2022 ، وتمكنت حتى الساعة من تحرير الاقاليم الخمسة " القرم ، لوغانسك ، دونيتسك " الدونباس " ، زاباروجا ، و خيرسون " بداية عبر صناديق الإقتراع وتحت الحماية العسكرية الروسية ، وهو الذي لا تعتبره إحتلالا وإنما عودة للسيادة الروسية حسب معطيات التاريخ .

وفي الوقت الذي لم تتفهم " كييف – زيلينسكي خاصة لإتفاقية " مينسك " بعدما ماطل سلفه بارشينكا في تنفيذ بنودها ، وبعد تواطوء الغرب مع " كييف " لرفض كافة أشكال الحوار المباشر مع موسكو ، عاد ماكرون الى الصين يبحث عن الحوار ، ويخشى من إستخدام روسيا للإسلحة النووية والكيميائية ، والغرب هو من حرك محكمة الجنايات الكبرى لإعتقال الرئيس بوتين بسبب نقل روسيا لأطفال أوكران وروس من الدونباس الى الداخل الروسي لحمايتهم ، والمعروف أيضا هو أن روسيا في حراكها العسكري تنتهج عقيدة الدفاع والتحرير لا الإحتلال أو الغزو ، ولا تبادر في إستخدام أي سلاح محظور عالميا -والتاريخ شاهد عيان- فمنذ إختراع السوفييت بقيادة الروس للقنبلة النووية عام 1949 لم يستخدموها في أية أزمة دولية أو معركة ، وصرحوا بأنهم ما كان لهم أن يستخدموها من زاوية أخلاقية في الحرب العالمية الثانية لو أنهم إخترعوها حينها، والأهم هنا هو أن يبتعد الغرب عن التضليل السياسي والإعلامي ، وألا يستهين بروسيا القطب والدولة العظمى، ويحاول تشويه سمعتها الدولية، ومحاصرتها اقتصاديا عبر عقوبات متكررة ومن خلال تفريغ السوق الروسي من الإنتاج الغربي الذي يتميز عن الإنتاج الروسي المحلي على مستوى الجودة بشكل واضح ، وروسيا وبما تملك من مساحة جغرافية عملاقة " أكثر من 18 مليون كلم2 ، أي الأكثر مساحة في العالم ، والأكثر قوة في المجال النووي وتحتل في مجاله رقم (1) عالميا ، لا تبحث عن احتلالات ، وانما تعيد تاريخها اليها ، وما ملكت في عمقه المعاصر من سيادة وجغرافيا .

وليست روسيا هي الغازية لأوكرانيا والمخترقة لسيادتها ، وليست هي من ارتكبت جريمة حرب في الدونباس كما يشاع سياسيا وإعلاميا ، وانما " كييف " صانعة الحرب بالتعاون مع الغرب ،والأدلة الدامغة متوفرة ، ولو أحب الرئيس زيلينسكي بلاده أوكرانيا لحافظ عليها ولما ذهب لإدارة الظهر مبكرا لروسيا جارة التاريخ ، ولقد جرب قبله الرئيس سااكاشفيله في جورجيا عام 2008 وفشل في مسعاه تماما كما زيلينسكي ، وسماح أوكرانيا لحلف " الناتو " بالإقتراب من الحدود الروسية خط أحمر بالنسبة للسيادة الروسية ، والتطاول من قبل " كييف " على سكان " الدونباس" على مدار أكثر من ثماني سنوات ، والتسبب في مقتل أكثر من 14 الف مواطن أوكراني ناطق بالروسية وحامل لجواز السفر الروسي وروسي من أصل سبعة ملايين إنسان ، ومنهم الأطفال ، جريمة حرب واضحة ، ومحاولة إنتاج قنبلة نووية فوق الأراضي الأوكرانية بالتعاون مع الغرب أمر غير مشروع وقتها ، ونشر أكثر من 30 مركزا بيولوجيا ضارا بالتجمع الديمغرافي الروسي والسوفييتي السابق والسلافي إختراق واضح من طرف الغرب و" كييف " للقانون الدولي ، والذهاب أوكرانيا وبالتعاون مع الغرب الى عمليات تخريبية مثل تفجير جسر القرم وخط الغاز " نورد ستريم 2 " ، وسوء معاملة الأسير العسكري الروسي ، وإغتيال الصحفية الروسية داريا غودينا سلوك غير حضاري لـ " كييف " وللغرب أيضا ، وإختراق المؤسسات القانونية الدولية الكبيرة من قبل الغرب واضح ومثلي هنا " حقوق الإنسان " ، و " الأمم المتحدة " ، و " مجلس الأمن " ، ومحكمة الجنايات الكبرى " ، و" محكمة لاهاي " وغيرهم .

و" باخموت -أرتيومسك " التي سيطر عليها الروس مؤخرا مليئة بالملاجئ التي أعدت في العهد السوفيتي لمواجهة أي حرب نووية محتملة ، وهو ما أعاق تحريرها لفترة طويلة من الزمن ، لكن قوات " فاغنر" الخاصة الروسية حررتها .

وإلى الصين يذهب الرئيس الفرنسي ماكرون أوائل شهر نيسان ليتأكد بنفسه بأن عالم الغرب بقيادة أمريكا لازال حيا ، في زمن لفت فيه الرئيس الصيني شي بينغ التوجه إلى عالم يتغير ، والى ضرورة المحافظة على عالم متعدد الأقطاب أثناء توديع الرئيس بوتين له في موسكو ، وما تمكنت الصين من اجادته بفتح قنوات مع المملكة العربية السعودية والعرب ومع إيران ومع روسيا الاتحادية يصعب على الغرب وخاصة أمريكا إجادته، وأزمات العالم مثل الأوكرانية لا تحل بصب الزيت على النار ، أي عبر تزويد " كييف " بالسلاح الغربي الذي لا تجيد إستخدامه ، وإنما بالحوار والتشجيع عليه ، والتوسط من أجله ، ولقد فشل الغرب بالمراهنة على تحقيق نصر على روسيا عبر إستراتيجية ضخ السلاح والمال الوفير تجاه "كييف " ، وحصلت روسيا الاتحادية على ما ارادت من خلال إعادة الاقاليم الخمسة الأوكرانية للسيادة الروسية بسبب سوء إستخدام " كييف " للأمانة التاريخية ولتغريدها خارج السرب الروسي والسوفيتي السابق ، وبسبب رغبتها برمي ذاتها في أحضان الغرب وحلف الناتو المعادي لروسيا علنا ، والان العاصمة " كييف " مطالبة بالتوجه للسلام أو لصناديق الإقتراع لفرز قيادة سياسية جديدة محبة لأوكرانيا وقادرة على العيش بسلام مع دول الجوار وفي مقدمتها روسيا الإتحادية، والرئيس البيلاروسي –لوكا شينكا- وجه صيحة جديدة لأوكرانيا – زيلينسكي- للتوجه للسلام فقط ، والخيار الأخير أمامها والذي من شأنه أيضا أن ينهي الحرب وكما صرح دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي هو دخول روسيا إلى " كييف " وإجتثاث التيار البنديري المتطرف والنظام السياسي الأوكراني الحالي كذلك من جذوره ، عندها تهدأ أوكرانيا ويهدأ العالم ، ويهدأ الغرب المشاغب لأجل الشغب ، وإعادة تشكيل صورة سيادة أوكرانيا هو ما سيجري بعد الحرب خاصة بعد ضم روسيا للأقاليم الخمسة الأوكرانية السابقة لسيادتها.

وما دامت الحرب الأوكرانية مشتعلة ستبقى القضية الفلسطينية العادلة وقضايا العرب الإحتلالية ذات العلاقة بالرابع من حزيران لعام 1967 مجمدة من دون مخارج تجاه السلام العادل .


مواضيع قد تهمك