الأخبار

ا . د . كميل موسى فرام : امتحان «التوجيهي».. الهدف والنتيجة «2»

ا . د . كميل موسى فرام : امتحان «التوجيهي».. الهدف والنتيجة «2»
أخبارنا :  

تحدثت بمقالة سابقة عن أهمية المحافظة على قدسية امتحان «التوجيهي» وعدم العبث بمعطياته، ضمن منظور البدائل المطروحة الآن، لأنه بصيغته الحالية، يمثل العامل المشترك الأمثل والقادر على فرز الطلبة بدرجة مقبولة؛ اجتماعيا، تربويا، تعليميا، وتحصيليا، لأنه يعكس الدرجة الأقرب لمستوى القدرات الاستيعابية للطالب والتي تحدد مساره المستقبلي، وقد يكون هناك ظلم لفئة نسبية لا تذكر، ولا يمكن اعتبارها مبررا للتغيير، فهذا الامتحان نشأ وتطور بهيكله وفلسفته وأهدافه، ضمن ظروف الدولة الأردنية، ليكون نقطة العبور الحاسمة بين نهاية مستحقة لسنوات المدرسة، واختيار بوابة الدخول الجامعي التي تسمح فيها قدراته التحصيلية لممارسة المهنة المناسبة، وهناك اعتراف على مستوى الجميع بتراجع الأداء التعليمي والتحصيلي؛ المدرسي والجامعي، نتيجة خلل ووهن أصاب المنظومة التعليمية، بل ورافقها بعض الاجتهادات المدمرة التي نعاني من ارتداداتها حتى الساعة، بأمل وقف الزحف المبرمج للاعتداء على قدسية الامتحان وتطويره باجتهادات لا تراعي الطبيعة السكانية والتركيبية للمجتمع الأردني، حيث تنحصر رؤيتها ضمن حدود مدارس العاصمة الخاصة بإمكاناتها غير المحددة، وبدرجة أقل، بعض من مدارسها الحكومية ذات الرعاية الخاصة كواجهة تعليمية للقطاع الحكومي.

الهدف من الامتحان هو فرز الطلبة لمستويات تحصيلية بامتحان عام معلن عن موعده بدقة منذ بداية العام الدراسي وبكل تفاصيله، حتى يتجرد الطالب من فكرة الانتظار للتعليمات والمحتوى، فيوظف الطالب جهده وتركيزة وينظم وقته بما يناسب تحصيله لأداء الامتحان في اليوم المحدد، على أن يشمل الامتحان محتوى المادة الدراسية المحددة، بتدرج لعامل الصعوبة في الأسئلة التي يمكنها التمييز بين الطلبة المبدعين، لتمنحهم فرصة الاختيار المستحقة للكليات الجامعية، وبذات الوقت، تعدل الطلبة بالمستويات التحصيلية المتعددة، قدرات كل منهم وتترجم درجة الاستعداد والتحصيل، التي تتجرد من إيجاد المبررات والحجج لتفسير الاخفاق؛ الأسئلة صعبة جدا وطويلة من خارج المنهاج، هناك عدم وضوح بصيغة السؤال وخطأ بصياغته، الزمن المحدد للامتحان قصير ولا يناسب المادة، التركيز على أسئلة الامتحان من فصول معينة بالمادة وتجاهل فصول أخرى، وغير ذلك من الأسباب التي نجد فيها عذرا للطالب للتعبير، ولكنها ليست كافية للتبرير، فالسؤال الصعب يكون على الجميع، وقاعدة الحياة تقول: أي سؤال بأي امتحان، لا تستطيع الإجابة عليه، فهو يصنف بالصعوبة وخارج المنهاج، ولنتذكر بأن امتحان التوجيهي هو المقياس الصادق والمتوفر الآن لتحديد مستوى الطلبة.

لا نريد لطلبتنا على مقاعد الدراسة هذه الفزعة الإعلامية السنوية التي ترافق امتحان التوجيهي، لتصنع منه لُغما بمستقبل الطالب، فهناك حالة طوارئ عائلية مستحبة لأهمية هذا الامتحان على المستوى الشخصي والعائلي، كما أن تشجيع البعض للمطالبة بتغيير أسس الامتحان دون بدائل واقعية، هو طعن مبرمج بخاصرة التعليم في الأردن، لأن المقارنة مع النظائر المتوفرة، تفتقر لأدنى المعطيات التي تسمح بذلك، كما أن المطالبة بفتح مجالات التنافس بين الحاصلين على الثانوية العامة الأردنية تحديدا، وأي امتحان آخر مهما كانت مسمياته أو الدولة التي منحته، هو شكل من أشكال فقدان الاتزان بالعقلانية وخلل بالتفكير، وأرى أن النسبة الحالية والتعليمات المطبقة والمخصصة لهؤلاء الطلبة، تعطيهم الحقوق المستحقة، خصوصا بالمعدلات الفلكية التي يحصلون عليها، والتي لا تنعكس على أدائهم الجامعي أبداً، فتعثرهم نتيجة منطقية، لتضخم مبرمج بالمعدلات النهائية، ونتمنى أن لا تتكرر تجربة المعدلات الفلكية (معدل المئة) هذا العام، لأنها مكشوفة للجميع، وساعدت بنزف مادي واقتصادي على مستوى العائلات والوطن لوهن وخلل، بل كانت سببا مباشرا لتعثر البعض، وازدحام في كليات الرغبة الأولى، تساقط وتدحرج لنسبة كبيرة في سنوات الدراسة الأولى.

الخطوات الجريئة لمعالي وزير التربية الحالي متعددة بدأها بالاعلان عن المحافظة على الامتحان بشكله الحالي وتشكيل اللجان لتطويره، أمر مرحب فيه ويغذي شجرة الأمل بالإصلاح، كما أن إعلانه بعدم الاعتراف بشهادات الثانوية العامة من خارج الأردن ذات الأرقام المفصلة بالثمن، هي خطوة رصفت العدالة بفسيفساء المساواة، ولدينا الأمل بنظرة تطور مستقبلية لتطوير الامتحان بكافة مرافقه؛ المناهج، التوقيت، المواد، المسارات، وعدالة الظروف بمنع الغش بكافة وسائله، الى أن تتساوى ظروف المدارس والجامعات بأرجاء الوطن من حيث البنية التحتية، الهيئة التدريسية، والمناخ الدراسي الذي يسمح بحرية الاختيار بدرجة عدالة مقبولة، بمواد دراسية ذات أثقال متنوعة حسب المنهاج وللحديث بقية. ــ الراي

مواضيع قد تهمك