لما جمال العبسه : غموض الرؤية وتأثيرها على أسواق النفط العالمية

تتعرض اسواق النفط العالمية لعدة ضغوط ساهمت في تذبذب الاسعار نحو الانخفاض بمعدلها الاسبوعي والشهري، ولان اسواق النفط حساسة للغاية فيما يتعلق بالاحداث على الصعيد العالمي، فان تذبذب الاسعار هبوطا وارتفاعا طفيف مازال يؤرق منتجي النفط خاصة ممن هم ضمن مجموعة «اوبك+».
يوم الجمعة الماضي صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأن مجموعة أوبك+ ستنفذ قرارها المتفق عليه بشأن زيادة إنتاج النفط اعتبارا من الشهر المقبل، الا انه عاد ليؤكد انها قد تتراجع فيما بعد اذا استجدت امور اخرى من الممكن ان تحدث حالة من عدم التوازن في السوق.
وفي متابعة لحركة الاسواق على مدار الاسابيع الماضية وتحديدا منذ بدء سريان قرارات الادارة الامريكية الجديدة بشأن زيادة الرسوم الجمركية للواردات الامريكية خاصة من كندا والمكسيك والصين، نرى ان اسواق النفط شهدت حالة من الاضطراب اثرت على معدلات اسعارها بالرغم من ارتفاعات يومية في الاسعار لم تمكن النفط من المحافظة على اتجاهه الصعودي او حتى المحافظة على مكاسبه السابقة، بمعنى ان هذه القرارات جمدت الطلب على النفط في ظل هذه الهزة القوية التي تعرضت لها الاسواق، وبقيت الاسعار تحوم حول حاجز 70 دولارا مع تحقيق ارتفاعات لا تذكر مقارنة مع السابق.
وبقيت العقوبات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية لوقت قريب على روسيا ذات تأثير ممتد على اسواق النفط العالمية، ليتضاعف معها الضغط على المنتجين، علما بان اوبك+ على مدار عامين استطاعت ان تصل بالاسواق لحالة من التوازن بين العرض والطلب ساهمت في استقرار الاسعار نحو الارتفاع على مدار اشهر.
الان مع توجه اوبك+ بزيادة انتاجها اعتبارا من الشهر المقبل، ويرافقه القرارات الامريكية بشأن التعرفة الجمركية والسياسة الامريكية الجديدة تجاه روسيا مع الرغبة في التوصل الى اتفاق ينهي الحرب بين موسكو وكييف، قد يحدث تحسنا طفيفا في الطلب على النفط لكن الاكيد لن يحدث استقرارا في اسعار النفط، اي ان السوق من المحتمل ان تتجاهل اي ايجابيات حتى تلك المتعلقة بخطط واشنطن لاعادة ملء احتياطيها الاستراتيجي من النفط.
وعلى الرغم من التوقعات بتحسن الطلب على النفط خلال العام 2025 مع توجه النمو الاقتصادي العالمي نحو الارتفاع مع بدء تراجع التضخم على المستوى العالمي والقُطري، الا ان الامر لا يزال يقع في دائرة التكهنات بخصوص القرارات غير المتوقعة من الادارة الامريكية الجديدة التي عادت لمفهوم المفاجأة.
لا بد ان الشهر المقبل سيكون مركزا على اداء اسواق النفط التي يعد الطلب فيها مؤشرا هاما على توجه الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي على اقل تقدير، لنرَ الى اين ستأخذه القرارات الأمريكية ذات الاثر العالمي، ولنرَ أين ستذهب في الاقتصاد العالمي المهدد بعودة التضخم اليه من جديد. ــ الدستور