الأخبار

الدكتور هشام المكانين العجارمة : في ذكرى أيامنا الخالدة.. للهاشميين علينا رد الجميل

الدكتور هشام المكانين العجارمة : في ذكرى أيامنا الخالدة.. للهاشميين علينا رد الجميل
أخبارنا :  

ثلاث مناسبات غالية تطل علينا من نافذة التاريخ العابق بالنصر والبسالة والإقدام، والمفعمة بالشجاعة والعلو والشرف الأصيل، هي ثالوث الفخر الأردني بأركانه الأسمى والأنبل والأطهر يوم الاستقلال ويوم الجيش وعيد الجلوس الملكي.

نقول ذلك، ونحن ندرك حقيقة الإدراك أن استقلال مملكتنا العظيمة والحبيبة لم يكن سهل المنال؛ بل كانت تجسيداً لإرادة الأردنيين الأوائل بقيادة آل هاشم الأطهار في إرساء دعائم الدولة الحديثة وبناء مؤسساتها وترسيخ قيم المواطنة والحرية والعدالة والديمقراطية.

وإزاء ذلك، فإن الحديث عن هذه المناسبات لن يفيها قدرها؛ إذ لطالما لامست وجدان الأردنيين جيلاً بعد جيل، فحُفرت في ذاكرتهم، ونُسجت في أعماقهم، حتى باتت بوح خواطرهم ورمزاً لعزتهم وفخرهم.

نستذكر اليوم تلك الأيام الخالدة والأردن كما العهد به موطن الإنسانية وملاذ الأشقاء، إذ أخذ على عاتقه الوقوف لجانب قضايا الأمة، فحمل همّها وعمل لأجلها لينعم الأشقاء بالأمن والسّلام، فكان لتلك المواقف حظها من احترام العالم المنصف واحترامنا لها، ولعل مما يزيد من ذلك الاحترام والتقدير في أنفسنا مساعي صاحب الجلالة ودوره الكبير كذلك في إيصال الرسالة الشافية الوافية وتوعية المجتمع الدولي بما ألمّ بالأشقاء -لا سيما في فلسطين - وما يعانوه منذ عقود من ظلم واستبداد لم يعد السكوت عنه مبرراً للإنسانية والعالم أجمع، إذا ما أراد العالم أن يأخذ أدواره الواجبة تجاه الإنسانية جمعاء، ويسعى حقيقة للسلام والعيش المشترك والوئام.

وفي سياق ذلك، أعلن الأردن ببسالة قيادته وأهله موقفه الثابت وعلى لسان صاحب الجلالة: « لا للتهجير ولا للتوطين ولا للوطن البديل» نهجه الصادق في ذلك نهج الهواشم الأوائل الذين ضحوا بدمائهم الزكية في سبيل العروبة والإسلام ودحض الظلم والاستبداد.

الأردن كذلك الذي فتح ذراعيه قبل أرضه لكل من لاذ به هو ذاته الأردن الذي لم يتوانى عن تقديم الغالي والنفيس في سبيل العروبة والاسلام، ومع ذلك تحمل ولا يزال كثير من النكران ممن ضَعُفت نفوسهم وصغرت عقولهم فأخذوا يكيلون المواقف بمقاديرهم، بل عظُمت أفكار بعضهم للعبث بأمن الأردن واستقراره فكان نشامى الأردن الأصدق قولاً والأخلص عملاً لهم بالمرصاد.

وإزاء ذلك، فإن رسالة الأردن اليوم باتت واضحة - رغم وضوحها منذ نشأة الدولة - لكل من شكك وسعى للتشكيك في مواقف الأردن دولياً وعربياً، فالأردن بالرغم من كل الضغوط التي يتعرض لها ستبقى قوته ضاربة في الأعماق شامخة في الآفاق بقيادته الحكيمة ولُحمة شعبه، وسيبقى الأردن كذلك الوطن الذي لطالما حمل الوجه الواحد والموقف الواحد والهم الواحد وبوصلته واضحة لن تحيد عن إتجاهها كيف لا ووجهتها فلسطين وتاجها القدس الشريف كما عبّر عن ذلك الملك المعظم.

ولأنه لم يعد هناك مجال لإنكار دور الأردن المحوري بقيادة صاحب الجلالة فإن رسالة الأردن قيادة وشعباً، سماءً وأرضاً، رسالة واضحة لا ضبابية تعتريها، كما أنها ليست مطية للشكوك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وأن تذكير الأردن للعالم بمواقفه والثبات عليها يأتي ضمن إيمان الأردن المطلق بثوابت الدولة، وما يجب أن يكون عليه الأردن إذا ما أراد أن يكون سنداً للأهل والعزوة عزيزاً كريماً آمنا مطمئنا، فالأردن قوي بقيادته وبسالة جنده ولحمة شعبه ووحدة قبائله.

نحن الأردنيون وإزاء المواقف الثابتة لوطننا وقيادته - تلك المواقف التي لم تتزحزح أو تلين وإزاء تضحيات الآباء والأجداد منذ فجر التاريخ وما يُعرف عنا من رباطة جأشٍ- فباقون على العهد خلف قيادتنا، منتهجين رؤاها ومتسلحين بإرادتها وإرادتنا الأردنية الحرة القوية التي لطالما أثبتت أنها العصية على كل خائن أو متخاذل أو مشكك؛ فالوقوف صفاً واحداً في سبيل أمن الأردن واستقراره خلف قيادتنا الهاشمية واجب وطني، ناهيك عن كونه أساس للمنعة ودعم للاستقرار، كما أن وحدة الحال والمصير تفرض علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة التكاتف والتضامن الحقيقي الذي بات استهدافه منذ سنوات هدف لكل طامع، ومسعى لكل حاقد، وما ذلك علينا بجديد. كما يتوجب علينا اليوم ونحن نعيش ذكرى أيامنا الخالدة وحدة الصف الأردني بكافة قطاعاته ومكوناته كما عُرف عنها دوماً في السراء والضراء، فإننا وإن كُنا بحجم بعض الورد إلّا أن لنا شوكة ردت إلى الشرق الصبا.

جانب آخر، فإن تخليد مواقف الأردن وقيادته هو امتداد لتخليد أيام وطننا الخالدة التي تُعد مناسبات وطنية غالية لاستلهام ما تنطوي عليه من قيم سامية وغايات نبيلة لإذكاء التعبئة الشاملة وزرع روح المواطنة الصالحة، والتطلع لمستقبل أرغد؛ لقضايا الأمة والوطن، وإعلاء صروحه، وتمكين وحدته، والحفاظ على هويته ومقوماته، وتعزيز نهضته واستمرار مسيرته. مواقف سامية وأيام خالدة تستوجب فينا وعلينا رد الجميل لكل من ساهم في صناعة تاريخنا المجيد مستذكرين جهود الملك عبدالله الأول – طيّب الله ثراه- في تأسيس الدولة واعلانه أول إرادة ملكية سامية بقراره اعلان الإستقلال موشحاً إياها بعبارته :»متوكلاً على الله تعالى أوافق على هذا القرار شاكراً شعبي واثقاً لحكومتي ..»، فكانت الدولة، وكان قانونها الأساسي الأردني إلى أن تتطور إلى دستور هو الأرقى بين دساتير الأمم في عهد الراحل الملك طلال – رحمه الله-، نستذكر ذلك والمسيرة تطيب بجهود الراحل العظيم جلالة الملك الحسين بن طلال– طيّب الله ثراه- باني نهضة الأردن ومؤسساته، وتضحيات أصحاب الجباه السُّمر التي لم تنحني جباههم إلّا لله فروّوا بدمائهم الزكية أرضنا الطهور دفاعاً عن كرامة الأمة وميراثها المجيد.

أما اليوم، ونحن نتفيأ ظلال امتداد حكم رشيد لآل هاشم الأطهار بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين امتد لربع قرن -ونسأل الله أن يزيد- فلا يسعنا إلّا أن نقف بخشوع وحنين على ضفاف ذكرى أيامنا الخالدة، نبادل صنيعة الوفاء بالوفاء، ونحفظ العهد العتيق لسليل العرق العريق، ونحن نرى صاحب الجلالة يجوب المحافظات والقرى والبوادي ليكون الأقرب لشعبه، متلمساً لحاجاته وملبياً لرغباته، مؤمناً بقدراته شباب وطنه وطاقاتهم ودورهم في البناء وتعظيم المسيرة، نهج داخلي ثمين ترافقه جهود النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية بكافة مرتباتها وتشكيلاتها ووحداتها الذين يواصلون البذل والعطاء ليكون للأردن أمنه واستقراره ومنعته، ويتزامن ذلك النهج واتباع جلالته سياسة خارجية قائمة على الاعتدال والتوازن ومستندة إلى نزاهة ومصداقية قلّ نظيرها في المنطقة والعالم، معاهدين صاحب الجلالة مليكنا المفدى بأن نبقى له ومعه على طريق الوفاء ذاتها، القلب على القلب، والكتف على الكتف، واليد باليد، رفاق الصّعب والرّحب نجدد لقيادتنا الولاء ونصطف إلى جانبها في جحافل الوفاء، لا نستشير ولا نستخير، لا نخون، ولا نهون، ولا يرواد أجفاننا سوى الولاء الممتد من أعماق أرواحنا إلى أطراف أناملنا وهي تكتب قصة عزّ نظيرها في الوفاء والبذل والعطاء، وسنبقى ملتفين حول جلالته التفاف الجوارح للقلب وشغافه، مسيجين لحماه كصف أضلاعه.

في الختام، أيامنا الخالدة أيام وفاء وإصرار وعزيمة واقتدار تستوجب علينا مواصلة البناء والعطاء والانتماء والولاء، فلنعظم في أنفسنا وفي فلذات أكبادنا معنى الاستقلال والجيش والقيادة، ولنستذكر وإياهم تضحيات الآباء والأجداد في سبيل أن يكون الأردن الحصن الصامد المرابط، والملاذ الآمن للعروبة والانسانية والحياة، ولنفخر بانجازات وطننا وقيادته، والأمل يحدونا باستمرار نهضته، ولنؤمن بتطلعاتنا نحو المستقبل؛ ليظل الأردن جنة الدنيا الجميلة، أرض الرجولة، وميادين البطولة، غاب العزة، ومهد الوحدة، وليبقى كما أراده جلالة الملك حراً عزيزاً كريماً آمناً مطمئناً.

حفظ الله الأردنّ وطناً عظيماً، وحصناً منيعاً، وشعباً وفيّاً في ظل حادي الركب سيدي صاحب الجلالة الملك المفدى وولي عهده الأمين.

* الجامعة الهاشمية

مواضيع قد تهمك