سعد حتر يكتب : قمة "الفرصة الأخيرة" لاحتواء الإعصار

مخرجات قمة القاهرة الاستثنائية وأصداؤها في واشنطن ستحدد مصير هذه المنطقة المشتعلة على مفرق طرق؛ بين الانزلاق صوب مزيد من التدمير الممنهج إسرائيلياً بتواطؤ أمريكي، أو التقاط سكّة تعافٍ وازدهار بعد نصف قرن من سراب سلام تخلّلته عشرات الاجتياحات والحروب الطاحنة.
يترقب الفلسطينيون وسائر العرب بيان القمّة المقررة بعد غد، وسط آمال بأن يشكّل نقطة تحول كبرى، خصوصا للدول المجاورة لفلسطين المحتلة.
تسريبات الاجتماعات التحضيرية – بما فيها قمة الرياض الثُمانية (مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الأردن ومصر) - تؤشر إلى توافق تضامني حول خطّة مصرية محكمة وفق مبدأ "تعمير بلا تهجير"، في مواجهة فكرة دونالد ترامب بإخلاء قطاع غزة من سكانه.
ويبدو أن العواصم المعنية – عمّان في قلبها - نسجت سلسلة أولويات مشروطة بمسارات متوازية لضمان قطع الطريق على محاولات إسرائيل ضم الضفة الغربية وإعادة احتلال قطع غزة المنكوبين.
بنود الخطّة تربط بين إعادة إعمار غزة بلا تهجير - تحت لجنة داخلية من أعيان وعشائر القطاع بإشراف السلطة- وفرض تهدئة بالضفة الغربية. فهناك إصرار على الإحجام عن المشاركة في أي قوات سلام داخل غزة إذا لم تنسحب هذه المعادلة على الضفة الغربية، التي تواجه معركة قضم وابتلاع شرسة.
أما السعودية – حجر الرحى في مسعى إسرائيل التطبيعي برعاية أمريكية – فتضيف شرطا خامساً قبل القفز إلى قطار "السلام الإبراهيمي"؛ على شكل ضمانات بعدم تهجير سكان الضفة الغربية إلى جانب إقامة دولة فلسطينية.
تتضمن الخطة التزاماً مصرياً - بمحطات تقييم وقياس - بإعادة إعمار غزة عبر إنشاء 300 ألف وحدة عقارية على المديات القريبة، المتوسطة والبعيدة. ينبع هذا الاستعداد من نجاح هذا البلد المحادد لغزّة في تشييد مليوني وحدة عقارية ضمن استراتيجية التحديث الداخلي خلال السنوات الثماني الماضية.
وهناك تفاصيل محكمة حول كلف التعمير المتوقعة بين 55 و70 مليار دولار، منها تثبيت إدارة مدنية فلسطينية لإدارة عملية رفع الركام ودك أساسات إعادة البناء ضمن ثلاثة شرائط عرضية من شمال غزة إلى جنوبها. تشمل المرحلة الأولى على المدى القصير رصف مساحات خالية من العقار سابقاً بكرفانات لإيواء العائلات المهجّرة مؤقتا.
ويشترط اللاعبون العرب حصول الفلسطينيين على حقوقهم في الضفة الغربية وقطاع غزة وعدم خرق الاستقرار والسلم المنشودين من أي طرف، إن كان في غزة، الضفة الغربية أو لبنان.
في المقابل تمعن تل أبيب ومن ورائها واشنطن في القفز عن حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة. وهما تسعيان لإشراك الرياض في معادلة التطبيع امتدادا لاتفاقات ثنائية دشنها دونالد ترامب مع أبو ظبي، المنامة، الرباط والخرطوم في نهاية ولايته الأولى عام 2020. وفوق ذلك، يؤشر مبعوث البيت الأبيض إلى شرق المتوسط ستيف ويتكوف إلى إقحام دمشق وبيروت في المعادلة الإبراهيمية، بإعلانه أن الوقت بات ملائما لانضمام العاصمتين – المشتبكتين بحالة عداء مع كيان الاحتلال المجاور منذ ثمانية عقود – إلى الاتفاقات الإبراهيمية.
الرهان اليوم على فرض خطّة عربية ذاتية محكمة بمسارات محدّدة بمحطات قياس لإجهاض مؤامرات بنيامين نتانياهو وشطحات ترامب العقارية.