الأخبار

صالح الراشد يكتب : الفلسطينيون .. الفرد للجميع و الجميع للفرد

صالح الراشد يكتب : الفلسطينيون .. الفرد للجميع و الجميع للفرد
أخبارنا :  

صالح الرشد :

عناق بعد ربع قرن ولقاء بعد أربعة عقود ودموع كالأمطار تغسل الأحزان والأبدان، وفرح ممزوج بوجع على سنوات ضاعت في سجون العدو، وأقدام أمهات وزوجات وأبناء وآباء أتعبتها الطرق لزيارة المعتقلين، وأبدان خارت ورؤس شابت وأطفال أصبحوا رجال، فسبقهم الزمن وتغيرت ملامح الوجوه والأرض والبيوت ليتلمسوا طريق العودة لبيوتهم بمساعدة الأحباب، ليدخلوها مهللين مكبرين فيغتسلوا بماء الوطن لتطهير ما لحق بهم من درن العدو، وليستعيدوا ضياء وجوههم من غبرة السجن وكآبة منظر السجان، عادوا إلى بيوتهم بتكبيرات العيد التي سبقت رمضان، عادوا ليفطروا وسط عائلاتهم ويصوموا لله شهر رمضان الفضيل، وهم يبتهلون شكراً على أن جعلهم الله خير جند الأرض وخير من يحرس أمانة القدس، عاد الأسرى بقوة المقاومة وقهرهم للعدو وإذلاله، عادوا بعزة وفخر وكرامة وبصوت البندقية وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها الصهاينة.

نعم عادوا لمنازلهم وجباههم تعانق السماء فقد انتصر الكف على المخرز، وانتصر السجين على سجانه وعادت الأسر الفلسطينية لتلتئم من جديد، عادوا ليُثبّتوا غرسهم بأنفسهم في أرضهم لتصل أقدامهم سابع أرض وتحتضن أياديهم تراب الوطن وتعانق جباههم سابع سماء، فمن يستطيع أن ينتزعهم من وطنهم؟!، ومن القادر على سرقة الوطن من أيديهم؟!، هم أهل فلسطين الطاهرة طريق المعراج للسماء الذين اعتادوا على رفع الهامة، فهم من هزموا جميع الأعداء ولم يستسلموا لغاز عبر التاريخ ولم يرفعوا الرايات البيض، هم أهل فلسطين كسروا جبابرة العالم فكانوا القوم الجبارين ولم يفت في عضدهم مواكب الشهداء ولا ظُلمة السجن، لأن هناك في أرض فلسطين من يدافع عنهم ويقدم حياته لأجلهم، فهم إخوان في الفرح والترح والهزيمة والنصر والسلام والجهاد، هم أهل فلسطين الجميع للفرد والفرد للجميع.

وخرجت الأسيرات بكل هيبة وإجلال فهن من صنعن المجد بولادة الأبطال والسير أمامهم في طريق النضال، خرجن جميعهن بطهرهن وهيبتهن ليكن الأنموذج الأروع في تعليم العالم معاني الفداء وعزة الوطن وكرامته وعلو مكانته، خرجن بصفقة ليست من صفقات العار التي تتم في الفنادق بل بصفقة البنادق الفلسطينية التي لم ولن تُطأطأ فوهتها، وستبقى هذه البنادق شعلة الأمل لإكمال حرية القدس ومسجدها وكنيستها، خرجن من الأسر والقهر ليصبحن معلمات لهذا العالم الذي أضاع إنسانيته وفقد بوصلتي الحرية والعدالة، خرجن ليروين قصصهن في الصمود والتصدي وتحمل الألم والعذاب ووجع الغياب عن الأحباب، خرجن ليقصصن قصص التحدي حتى النصر ومن النصر حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

آخر الكلام:

هؤلاء هم الفلسطينيون الذين يقدمون أعز ما لديهم كشهداء ويقولون يا رب هذا أفضل ما لدينا فتقبله، ويقولون يا رب زُج بنا في السجون لنصرتنا مسجدك ومعراج حبيبك ونبيك، فذهب سواد الشعر وانحنى الظهر وما انحنت الهمم، فيا رب تقبل أعمالنا وأجرنا في مصابنا وانصرنا على أعدائنا اليهود الغاصبين.

مواضيع قد تهمك