الأخبار

بعد فشل تطهير غزة.. أصبح الإسرائيليون يتحدثون دون خجل عن “الحل النهائي” لإبادة الفلسطينيين

بعد فشل تطهير غزة.. أصبح الإسرائيليون يتحدثون دون خجل عن “الحل النهائي” لإبادة الفلسطينيين
أخبارنا :  

نشر موقع "ميدل إيست آي” في لندن مقالا للصحافي الإسرائيلي ميرون رابوبورت قال فيه إن الإسرائيليين لم يعودوا يخجلون من الدعوة لإبادة الفلسطينيين الذين يرون أنهم لن يذهبوا إلى أي مكان.

وأشار إلى أن مجلة "لوكال كول” نشرت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2023، خطة كاملة أعدتها غيلا غامليل، وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية تدعو فيها لإخلاء السكان المدنيين من غزة. وحظيت الخطة بتغطية واسعة في جميع أنحاء العالم، واعتبرت دليلا على أن الهدف الحقيقي لإسرائيل في حربها في غزة، في ذلك الوقت كان في مرحلة القصف الجوي التي سبقت الغزو البري – لم يكن "القضاء على حماس” بل طرد الفلسطينيين من غزة.

لكن التغطية للخطة في إسرائيل كانت محدودة، ربما لأن وزارة الاستخبارات لم يكن لها سلطة (تم إغلاقها منذ ذلك الحين)، وربما لأن غامليل لم يكن لها وزن سياسي حقيقي وربما لأن وسائل الإعلام الإسرائيلية تفضل عدم التعامل مع جرائم الحرب التي تخطط لها إسرائيل.

بعد 16 شهرا أصبحت خطة غامليل وبشكل فعلي الخطة الرسمية للحكومة الإسرائيلية. ويجب أن ينسب الفضل أولا وأخيرا للرئيس دونالد ترامب، ولكن لا يمكن إنكار أن هذه العملية تعكس تطور فكرة عزيزة منذ فترة طويلة على الجمهور الإسرائيلي

وبعد 16 شهرا أصبحت خطة غامليل وبشكل فعلي الخطة الرسمية للحكومة الإسرائيلية. ويجب أن ينسب الفضل أولا وأخيرا للرئيس دونالد ترامب، ولكن لا يمكن إنكار أن هذه العملية تعكس تطور فكرة عزيزة منذ فترة طويلة على الجمهور الإسرائيلي. وفي الوقت الذي بدأ فيه ترامب وفريقه بالتخفيف من خطة التهجير ويقولون إنها ليست تهجيرا قسريا ولكن "توصيات” فقط، استمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الإشادة بـ "خطة الرئيس ترامب الرائدة للسماح بحرية الخروج لسكان غزة”. ويقوم وزير الدفاع إسرائيل كاتس بإنشاء إدارة "للخروج الطوعي” من غزة. وكل هذه الصيغ موجودة حرفيا في خطة غامليل.

ولهذا، فعلينا عدم تجاهل دعوة نائب رئيس البرلمان نيسيم فاتوري التي تقول: "يجب فصل الأطفال والنساء وقتل البالغين [الذكور] في غزة”. وربما كان فاتوري سياسيا هامشيا أكثر من غامليل، لكنه يشير إلى تطور في الخطاب اليهودي الإسرائيلي.

ويقول رابوبورت إن الدعوات لنكبة ثانية والتي سيطرت على اليمين المتطرف وحتى قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ودخلت لاحقا الخطاب السائد اختفت. ولم يعد هناك "خطة الجنرالات” للحصار والتجويع، التي تم تنفيذها بالفعل بطرد سكان شمال غزة وهدم منازلهم ولم تتوقف إلا بسبب وقف إطلاق النار.

بل هناك مخطط للإبادة: من أجل حل نهائي لمشكلة غزة ومشكلة الفلسطينيين بشكل عام.

وعليه، فتصريحات فاتوري جديرة بالملاحظة لأنها تأتي على خلفية تطبيع خطاب الإبادة. وإذا كان وزير التراث عميخاي إلياهو قد أحدث تشنجا بعد أن دعا في بداية الحرب إلى إسقاط قنبلة نووية على غزة وأنها "الطريق الوحيد” للتعامل مع حماس، فإن مثل هذه التصريحات تسمع الآن علانية، دون أي محاولة لإخفائها أو تبييضها.

والأمثلة كثيرة ومتنوعة، فقد نشرت المحامية كينيرت باراشي، وهي "مؤثرة” بارزة من اليمين والتي تحرص دائما على ذكر أنها كانت تصوت لميرتس، على منصة إكس أنه "يجب أن يمحى كل أثر للتحورات القاتلة في غزة، من غرف الولادة إلى آخر شخص مسن ويجب أن يموت 100٪ من السكان في غزة”. وقال الممثل يفتاح كلاين، الذي يصف نفسه بأنه من "جيل أوسلو”، في مقابلة مع مؤسسة "والا” الإعلامية بمناسبة مشاركته في مسرحية جديدة في مسرح هابيما: "أنا لا أصدقهم [الفلسطينيين]. أنا لا أؤمن بهم ولا أريد أن أراهم مرة أخرى طالما أنا حي، إلى الأبد. فليذهبوا إلى ما وراء جبال الظلام وليموتوا هناك”.

وبنفس الطريقة قال المغني عوفر ليفي في مقابلة على بودكاست آفي شوشان على موقع صحيفة "معاريف” إنه لو كان جنديا في الجيش فـ "لن يكون هناك المزيد من السجناء. سأقتلهم جميعا وأحرقهم أيضا. سأحضر البنزين وأعطي الأمر بالمضي قدما وأسكبه ثم أشعله، أحرق كل شيء حتى آخر واحد منهم، بما في ذلك الجميع”.

مغن إسرائيلي: لو كنت جنديا، لن يكون هناك المزيد من السجناء. سأقتلهم جميعا وأحرقهم أيضا. سأحضر البنزين وأعطي الأمر بالمضي قدما وأسكبه ثم أشعله، أحرق كل شيء حتى آخر واحد منهم، بما في ذلك الجميع

ويعلق رابوبورت أن هذا في الحقيقة مجرد غيض من فيض. فمجرد جولة لفترة وجيزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى أمثلة أخرى كثيرة، عن رجال ونساء، محبطين، عنصريين، كلهم ​​متحدون في جوقة من الإبادة.

وقد اكتسب هذا الخطاب زخما واسعا، وبدون الحاجة إلى دراسات كمية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير.

ويقول الكاتب إن سبب هذا ربما عاد إلى استعراضات حماس عند إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. ويرى هؤلاء أن كل هذه الطقوس تقريبا تشكل دليلا، ليس فقط على قسوة حماس والإساءات الجسدية والنفسية التي تلحقها بالأسرى، بل وأيضا على فكرة مفادها أن كل الفلسطينيين في غزة متواطئون في هذه القسوة ويحتفلون بها.

وفي هذه الاحتفالات، كانت حماس تسعى بوضوح إلى إثبات نفسها أمام الجمهور الفلسطيني وبالطبع لإسرائيل، وأنها لا تزال صامدة بعد الهجوم الإسرائيلي الأكثر تدميرا وفتكا ضد الشعب الفلسطيني (على الأقل منذ عام 1948). ولإظهار أن إسرائيل ونتنياهو فشلا في المهمة المعلنة للقضاء على حماس. ولكن حتى لو كانت حماس تقصد خلاف ذلك، وعلى الأقل في بياناتها، إذ وصفت حماس هذه الاحتفالات بأنها تكريم للأسرى، فإن النتيجة كانت تكثيف خطاب الإبادة بين الجمهور اليهودي، وإحياء صدمة الهجمات في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

أما التفسير الثاني والذي يذهب أبعد من "محو حماس”، فقد أصبح إخلاء قطاع غزة، أو على الأقل مدينة غزة والبلدات الواقعة إلى الشمال منها، هدفا معلنا لكثير من القادة الإسرائيليين من اليمين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير والقادة في الجيش.

وكان هذا هو محور "خطة الجنرالات” التي تبناها الجيش بالفعل. وكان هدف القيادة الجنوبية، الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في منتصف كانون الأول/ديسمبر، "منع عودة سكان غزة إلى ديارهم في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا”. ولكن بعد سريان وقف إطلاق النار، أدرك الإسرائيليون أن حماس لم يتم القضاء عليها فحسب، بل إنها أظهرت في الواقع ثقتها بنفسها، وأن التطهير العرقي قد فشل أيضا.

صحيح أن جباليا دمرت بالكامل، وكذلك أجزاء كبيرة من مدينة غزة ومحيطها. ولكن صور مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى شمال القطاع كانت دليلا ملموسا على أن الفلسطينيين بقوا في غزة وأنهم لم يكن لديهم أي نية للذهاب إلى أي مكان، وبالتأكيد ليس طواعية.

ومن الصعب التحدث من منظور "النصر” عندما تم تدمير غزة بالكامل وبعد مقتل أكثر من 50,000 شخص وربما أكثر من ذلك بكثير، ولكن يمكن للمرء أن يفهم لماذا رأى معظم الفلسطينيين، في غزة نفسها وخارجها العودة إلى الشمال كفشل إسرائيلي.

إذا لم يقنع كل هذا الدمار والقصف الفلسطينيين بالمغادرة، فإن الاستنتاج الذي توصل إليه عدد من الإسرائيليين هو أنه لا يوجد خيار سوى قتل الجميع

وعليه فإن خطاب الإبادة، وفقا لهذا التفسير، ينبع من الإحباط الإسرائيلي إزاء عدم القدرة على تحقيق الإخلاء الكامل لسكان غزة. وإذا لم يقنع كل هذا الدمار والقصف الفلسطينيين بالمغادرة، فإن الاستنتاج الذي توصل إليه عدد من الإسرائيليين هو أنه لا يوجد خيار سوى قتل الجميع، من "غرف الولادة إلى آخر شخص مسن”. وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت غالبية الجمهور الإسرائيلي تحتضن خطة ترامب لاقتلاع الفلسطينيين من غزة. وربما لأن الإسرائيليين أكثر دراية بالواقع المحلي من قطب العقارات الجالس في البيت الأبيض، فهم يعرفون أنه لا توجد فرصة حقيقية لخروج الفلسطينيين من القطاع بإرادتهم الحرة. ولهذا توصلوا إلى نتيجة أنك لكي تتخلص من الفلسطينيين، فعليك أن تقتلهم.

وكتب حاييم ليفنسون في صحيفة "هآرتس” أن الخطة التي قدمها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف نيابة عن نتنياهو، تنص على أنه إذا فشلت المفاوضات مع حماس، فإن الجيش سوف يحتل القطاع بأكمله و”يدمر المباني التي لا تزال قائمة في معظم أجزاء القطاع، باستثناء مناطق الملاجئ المحددة في جنوب القطاع، وفي تلك المناطق فقط سوف يتم توزيع الغذاء”.

كما تحدث يوعاز هيندل، قائد كتيبة الاحتياط في الحرب الحالية ووزير سابق، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم” عن "مجمعات آمنة” سيتم إنشاؤها في القطاع مع توزيع الطعام والشراب في تلك المواقع فقط. وقال هيندل: "كل شيء خارج هذه المجمعات هو منطقة قتل”.

بعبارة أخرى، أي شخص لا يدخل معسكرات الاعتقال هذه، من الصعب أن نطلق عليها أي اسم آخر، سيحكم عليه بالإعدام. ورغم أن التطهير العرقي أصبح أسلوب عمل لطرد 40,000 فلسطيني من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية وإعلان كاتس أنه لن يسمح لهم بالعودة دليل آخر على ذلك، إلا أن هذا التطهير كان فاشلا حتى الآن. لقد دمرت إسرائيل غزة، ولكن الفلسطينيين لم يتركوها، والفلسطينيون الذين أجبروا مؤخرا على ترك منازلهم في جنين ونور شمس وطولكرم لم يتركوا الضفة الغربية أيضاً.

وإن خطاب الإبادة هو، أولا وقبل كل شيء، نتيجة للغضب والإحباط، وليس خطة عمل. إلا أن تصريحات فاتوري وباراشي وكلاين، وكثيرين غيرهم، تمهد الأرضية النفسية لتحركات لم يجرؤ أحد على ذكرها بصوت عالٍ حتى 7 تشرين الأول/أكتوبر وهذا أمر خطير، خطير جدا.

مواضيع قد تهمك