"المقامات الدينية في البلقاء: معالم تاريخية وروحية تحت رعاية هاشمية"

تحتضن محافظة البلقاء العديد من المقامات الدينية التي يرتادها آلاف
الزوار والسياح، فضلاً عن الكُتّاب والمؤرخين والباحثين وطلبة المدارس
والكليات والجامعات.
وقال مدير أوقاف البلقاء، الدكتور أحمد الخرابشة،
إن المقامات تحظى باهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يولي المقامات
جل اهتمامه من خلال الإعمار الهاشمي لهذه المقامات وتوسعتها وصيانتها بشكل
مستمر.
وبيّن الخرابشة أن من أبرز هذه المقامات، مقام أبي عبيدة عامر بن
عبد الله الجراح، الذي حظي باهتمام الهاشميين، حيث شمله الإعمار الهاشمي
بتكلفة وصلت إلى حوالي ستة ملايين دينار، حتى أصبح المقام معلماً حضارياً
ودينياً وتاريخياً بالنسبة للأردن، يرتاده علماء الدين من كافة أنحاء
العالم الإسلامي.
وبحسب آخر إحصائية للمقام، فإن عدد زواره تجاوز خلال
الأعوام الأربعة الماضية 2 مليون زائر ، وتبلغ مساحة سطح المقام 6500 متر
مربع، ويضم المسجد الرئيسي الذي يتسع لحوالي ثلاثة آلاف مصل، وصحن المسجد
الخارجي الذي يتسع لحوالي ألف مصل، ومصلى للنساء يتسع لـ 500 مصلية، وحجرة
المقام (القبر) التي تبلغ مساحتها حوالي 50 مترًا مربعًا.
كما يضم
المقام مكتبة إسلامية تحتوي على خمسة آلاف كتاب، وقاعة ملكية لكبار الزوار،
وقاعة متعددة الأغراض، ومنبر الإدارة، والمركز الثقافي الذي يضم أربع
قاعات تدريس لتحفيظ القرآن الكريم في المراكز الصيفية، وقاعة اجتماعات
عامة، وسوقًا تجاريًا يحتوي على 11 مخزنًا تجاريًا، بالإضافة إلى سكن
للإمام ومدير المقام ومؤذنه، إلى جانب ساحة احتفالية.
ويتبع المقام
مشروعًا زراعيًا حديثًا مساحته 100 دونم مزروع بالنخيل وأشجار الزيتون، و
يعمل في المقام كادر وظيفي يزيد على 25 موظفًا يقومون على خدمته وخدمة
الزوار على مدار أيام السنة.
أما مقام وضريح النبي شعيب عليه السلام،
الذي يقع في منطقة وادي شعيب جنوب مدينة السلط، فيُعد من المواقع الأثرية
المهمة في الأردن، وأحد أشهر المقامات جذبًا للزوار في المملكة، حيث تم
إنشاء المسجد وتأهيل المقام حديثًا.
ويشتمل المسجد، الذي تم برعاية
جلالة الملك عبدالله الثاني، على مصلى للرجال يتسع لنحو 500 مصل، وآخر
للنساء يتسع لحوالي 200 مصلية، بالإضافة إلى المقام، وقاعة متعددة الأغراض،
ومكتبة. وبلغ مجموع مساحاته 2000 متر مربع.
كما يوجد مقام الصحابي
الجليل ضرار بن الأزور رضي الله عنه في منطقة دير علا بالأغوار الوسطى،
ويضم المسجد، وساحة واسعة، وحديقة تزينها الأشجار المعمرة، وأشجار الزيتون
والنخيل.
ويستقطب ضريح ضرار الآلاف من الزوار الأردنيين والمسلمين من
العرب والأجانب من مختلف الطوائف في مناسبات متنوعة، ما يشكل حركة سياحية
دينية جيدة في المنطقة.
أما مقام النبي يوشع عليه السلام، فيقع على بعد
25 كيلومترًا غرب مدينة عمان، على أطراف مدينة السلط، على جبل يعرف عند أهل
السلط بجبل يوشع أو "طف يوشع"، ويطل على الأغوار. ويعود تاريخ بناء الضريح
من قبل أهالي السلط إلى بدايات عهد سيطرة الدولة العثمانية، وتم تجديد
الضريح وتوسيعه في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث أصبح المبنى الجديد
يضم مصلى للرجال وآخر للنساء، وغرفة المقام، وقاعة متعددة الأغراض،
ومكتبة، وسكن للإمام وآخر للمؤذن، إضافة إلى أروقة وأعمال خارجية تشمل
دورات صحية ومتوضأً للرجال والنساء، وبمساحة إجمالية مسقوفة تبلغ 1400 متر
مربع.
وبلغت تكلفة بناء المسجد 580 ألف دينار ويعد المسجد الحالي تحفة
فنية، حيث يبلغ ارتفاع مئذنته 27 مترًا عن سطح الأرض، وتحيط به أشجار
السنديان التي تتراوح أعمارها ما بين 200 و300 سنة.
ويقع مقام النبي جاد
بن يعقوب على التل المسمى بإسمه "تل الجادور"، إلى الجنوب الشرقي من مدينة
السلط بجوار مدرسة السلط الثانوية وفي وسط مقبرة قديمة مسماة بإسمه أيضًا.
وكان موقع المقام قديمًا يشبه بئرًا ينحدر إليها الإنسان بدرجات، وقد أقيم
على المقام حجرة تعلوها قبة خضراء في عهد جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه
الله، وتبرع ببنائها المحسن قدري يوسف الصالح من عشيرة الكلوب.
وتم
تشييد مسجد صغير بجانب المقام من الحجر الأصفر المشذّب المستخرج من جبال
السلط، وأُعطي لهذا المسجد اسم "مسجد النبي جاد". كما غُطي سطح المبنى
والساحة المجاورة للمقام بالقرميد الأحمر، ولهذا المسجد مئذنة، وتحاط به
الأشجار والقبور، وتُقام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجمعة.
ويقع مقام
النبي أيوب عليه السلام في منطقة تسمى "خربة النبي أيوب" في قرية "بطنا"
إلى الجنوب الغربي من مدينة السلط. تعد المنطقة أثرية، حيث تدل بعض المباني
القديمة على المكان الذي دفن فيه النبي، وهي بقايا أسوار وحجارة ترجع إلى
العصر المملوكي. تم مؤخرًا إقامة مسجد صغير في هذا الموقع.
وأشار
الدكتور الخرابشة إلى مسجد السلط الكبير الذي يعد أحد أكبر مساجد السلط في
محافظة البلقاء ويعتبر المسجد من المعالم المهمة حيث يقع في المركز القديم
لمدينة السلط التي أدرجت على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو في عام
2021.
وحظي المسجد باهتمام وزارة الأوقاف وأبناء السلط، حيث بلغ تكلفة صيانته نحو 70 ألف دينار.
كما تم رعاية المسجد هاشميًا من خلال تخصيص الوقفية المتمثلة في "كرسي
الإمام النووي". وقد توافد الكثير من السياح العرب وغيرهم إليه. تم بناء
هذا المسجد في العصر المملوكي، وكان مركزًا لاستقبال العلماء من مختلف
أنحاء العالم.
(بترا)