الأخبار

محمد ابو رمان : أجندة إسرائيل في سورية وأمننا القومي

محمد ابو رمان : أجندة إسرائيل في سورية وأمننا القومي
أخبارنا :  

من يتابع تصريحات المسؤولين والسياسيين الإسرائيليين اليمينيين، سيشعر بالقلق الشديد، بلا شك، من الأجندة الإسرائيلية، التي لم تعد سرية أو مخبأة، بتقسيم سورية وإقامة دويلة درزية في الجنوب السوري، وربما متواصلة مع المنطقة العازلة التي تسعى إسرائيل إلى تكريسها في الجنوب الغربي من سورية، بدعوى الخشية من وجود نشاط لحماس أو الجهاد هناك، وبعدم السماح بتكرار نموذج غزة في شمال إسرائيل.
الخطة الإسرائيلية قيد التنفيذ الآن، والجيش الإسرائيلي توغل في ريف درعا، وما هو أخطر من هذا وذاك أنّه يقوم اليوم بالتواصل مع الدروز ويحذرهم من وجود نوايا لدى هيئة تحرير الشام ضدهم، ويتغلغل إلى الطائفة العلوية في الساحل ويعرض عليها المساعدة والدعم، فضلاً عن التغلغل الاستخباراتي والأمني الكبير الذي يحدث في الفترة الحالية في استثمار الظروف السياسية والاقتصادية الانتقالية في البلاد.
أردنيّاً تمثل الأجندة الإسرائيلية تهديداً سافراً وخطيراً للأمن القومي الأردني، لا يقل – برأي كاتب هذه السطور- عما يحدث من تطورات خطيرة هي الأخرى في الضفة الغربية وفي القدس المحتلة (مع إقرار مشروع القدس الكبرى من قبل اللجنة الوزارية الإسرائيلية)، فتقسيم سورية أو تعزيز ديناميكيات الفوضى والحرب الداخلية فيها، وتهديد وحدة أراضيها يضر بالأمن القومي الأردني، وسيطرة إسرائيل على مصادر المياه في الجنوب السوري أيضاً يحرم الأردن (الفقيرة مائياً) من مصدر مهم للأمن المائي (وبالتالي القومي)، فضلاً عن أنّ تمدد إسرائيل إلى شمال الأردن وصعود مشروعها الإقليمي الجديد المهيمن يزيد الضغوط على الأردن، فيما يتعلّق بالعلاقة مع إسرائيل.
تشير مصادر دبلوماسية أردنية إلى أنّ موضوع الجنوب السوري طُرح في العديد من اللقاءات المهمة التي جرت بين المسؤولين الأردنيين والمسؤولين الأتراك بعد سقوط نظام بشار الأسد، فضلاً عن زيارة ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبدالله، للرئيس التركي أردوغان قبل فترة قصيرة من زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى عمان، وعلى الأغلب فإنّ الأتراك هم من نصحوا الرئيس الشرع بأن يزور الأردن وينسق معهم ترتيب الأوضاع في جنوب سورية، بخاصة ما يتعلّق بملف السويداء والدروز أو الأجندة الإسرائيلية الخطيرة هناك.
سابقاً؛ رفض الأردن القيام بأي دور عسكري في سورية، في مراحل متفاوتة، أمّا اليوم فالوضع مختلف، فمثل هذا الدور السياسي، وحتى العسكري، إذا جاء بطلب من هيئة تحرير الشام، سيكون ضرورياً في حماية المصالح الاستراتيجية الأردنية والأمن الوطني الأردني الذي يرتبط بوحدة الأراضي السورية من جهة، ووجود نظام صديق للأردن في سورية من جهةٍ ثانية، وتأمين البيئة لعودة اللاجئين السوريين إلى الجنوب السوري من الأردن ثالثاً، وانسحاب إسرائيل سيساعد الأردن على الوصول إلى مصادر المياه في حوض اليرموك وسد الوحدة التي تمثّل هي الأخرى مصدراً مهماً من مصادر الأمن المائي والقومي الأردني رابعاً.
يمتلك الأردن علاقات مميزة تتسم بالثقة والمصداقية والدفء مع العديد من الكتل السكانية في جنوب سورية، بخاصة العشائر الدرزية والعربية، وهو أمر يمكن الاستثمار به عبر توافق مع حكومة دمشق لمواجهة المشروع الإسرائيلي الخطير في الجنوب السوري، حتى وإن كانت هنالك هواجس أردنية أو قاعدة واضحة بعدم التورّط في المشكلات خارج الحدود، والتحفظ والتحوّط من إرسال قوات أردنية إلى الخارج، وهو أمر مفهوم في القيم التي تحكم الدبلوماسية الأردنية، لكن التفاهم مع حكومة دمشق ومباركة الجنوب السوري لذلك، والحصول على غطاء ودعم تركي وإقليمي فإنّ ذلك كلّه يعزز تبني مثل هذه السياسة لحماية وحدة التراب السوري.

عامل الوقت مهم وخطير في الوقت نفسه، فإذا لم يبحث موضوع الدور الأردني في الجنوب السوري في لقاء الملك والشرع، فمن الضروري أن يتم الدفع بهذا السيناريو على الطاولة، ولو حتى عن طريق الأتراك الذين يدركون أكثر من غيرهم أهمية الدور الأردني في الجنوب السوري، وضرورة وجود عمق عربي استراتيجي للإدارة السورية الجديدة، لقطع الطريق على الدعاية السياسية التي يروجها اليمين الإسرائيلي في أميركا اليوم.

مواضيع قد تهمك