الأخبار

د. سند ابو راس : تقليل عدد ساعات الدوام إلى ست ساعات

د. سند ابو راس : تقليل عدد ساعات الدوام إلى ست ساعات
أخبارنا :  

في الآونة الأخيرة، تصاعدت المقارنات بين نظام العمل في الأردن ونظم العمل في أوروبا، خاصة فيما يتعلق بعدد ساعات العمل. فقد أصبحت الغالبية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بالاقتداء بالدول الأوروبية عبر تقليل ساعات الدوام إلى ست ساعات يوميًا بدلاً من ثماني ساعات، وذلك بهدف تخفيف الضغط على الموظفين وزيادة الإنتاجية. ولكن، هل ينبغي تطبيق مثل هذا القرار على مستوى المملكة بحيث تحدد وزارة العمل عدد ساعات الدوام الرسمي بست ساعات فقط، وأي ساعة عمل إضافية تُعتبر عملاً إضافيًا؟ لنحلل الأمر من عدة زوايا.
في البداية، تقليل عدد ساعات العمل يعني خسارة ساعتين يوميًا، أي 10 ساعات أسبوعيًا، بناءً على نظام عمل مدته خمسة أيام في الأسبوع. وعلى مدار العام، حيث يتكون العام من 52 أسبوعًا، فإن ذلك يعني فقدان 520 ساعة عمل سنويًا. وإذا قسمنا هذه الساعات على عدد ساعات العمل اليومي الحالي (8 ساعات)، فإن ذلك يعادل 65 يوم عمل سنويًا. تخيل أن هناك شركة تغلق أبوابها لمدة 65 يومًا في السنة، بالإضافة إلى العطل الرسمية السنوية في المملكة. هذا فضلًا عن الإجازات الشخصية للموظفين والإجازات المرضية. ومع التطورات التكنولوجية واتساع الأسواق العالمية، يجب استثمار الوقت في مواكبة هذه التطورات وتوسيع نطاق الأعمال، بدلًا من تقليصه وإضاعته.
إن مقارنة الأردن بأوروبا في هذا الشأن غير منطقية من الأساس، فالدول الأوروبية هي دول منتجة استطاعت، عبر عقود طويلة من العمل والتطوير، الوصول إلى مستوى يسمح لها بتقليل ساعات الدوام. ولم تأتِ هذه الراحة من فراغ، إذ كان العمال في بدايات الثورة الصناعية يعملون 12، 14، وربما 16 ساعة يوميًا للوصول إلى ما هم عليه الآن من تقدم ورفاهية. أما الأردن، فهو من الدول المستهلكة، وإذا كنا نطمح إلى التحول لدولة منتجة ومصدّرة، فلا يوجد حل سوى العمل الجاد والمستمر، تمامًا كما فعلت الدول التي سبقتنا.
من الناحية الاجتماعية، تعاني أوروبا من نقص في فئة الشباب مقارنةً بالأردن، حيث إن المجتمع الأردني يتميز بتركيبته الشابة. لذلك، من المنطقي أن يعمل الأوروبيون 6 ساعات يوميًا، نظرًا لأن معظمهم من كبار السن، ولأن دولهم، كونها من دول العالم الأول، تمتلك من الموارد ما يكفيها. أما في الأردن، فما المنطق في أن يعمل شاب يبلغ من العمر 25 عامًا، على سبيل المثال، 6 ساعات فقط يوميًا؟
أما من ناحية أخرى، يعاني المجتمع الأوروبي من ارتفاع معدلات الاكتئاب والانتحار لأسباب مختلفة، منها الدينية والاجتماعية، مثل ضعف الروابط الأسرية. ومن ثم، فإن تقليل ساعات العمل قد يساهم في التخفيف من هذه الظواهر. أما في الأردن، فالترابط الاجتماعي والأسري، إضافة إلى الوازع الديني، يمنح الأفراد قدرة أكبر على تحمل ضغوط العمل.
وأخيرًا، إذا كنت ترى أن عملك يمكن إنجازه في 6 ساعات فقط، بينما تقضي الساعتين المتبقيتين دون أي نشاط فعلي، فاعلم أن عملك في خطر. فالوضع الطبيعي لأي عمل هو أن ينمو ويتطور بمرور الوقت عبر جذب عملاء جدد والتوسع في أسواق أخرى. من المنطقي أن تكبر الشركات وتوظف المزيد من الموظفين، ولكن إذا بدأت في التقلص بسبب قلة العمل، فإن ذلك يشير إلى أنها في طريقها إلى الإفلاس قريبًا.

مواضيع قد تهمك