محمد داودية يكتب : لا خاتمة لأحزاننا عليك
كان توقيت فجيعتنا الوطنية الكبرى على الساعة 11:43 من صباح يوم الأحد 7 شباط سنة 1999، قبل 25 سنة بالتمام والكمال.
خرج المواطنون إلى الشوارع يعبرون عن لوعتهم وعمق حزنهم على قائد، ولد معظمهم في عهده، الذي امتد 47 عامًا، صنع لنا خلالها وطنًا يطاول عنان السماء. وبنى خلالها مواطنًا رأسماله الكرامة والعِلم، وعقيدته السياسية الوحدة العربية والحرية.
تمكن الحسين الفارس الهاشمي القرشي، ابن أعز قبائل العرب وسادتها من البقاء، رغم هول المؤامرات التي عاشها، وكانت بدايتها وهو في السادسة عشرة من عمره، يوم اغتال المجرمون جدّه، الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة، أمام ناظريه، على عتبات المسجد الأقصى المبارك، وهو يهم بدخوله، لاداء صلاة الجمعة يوم 20 تموز سنة 1951.
الحسين ابن الحياة والتقدم والفرح والمحبة. جمع عدة هوايات متباعدة متنوعة عبّرت عن شخصيته: الطيران والرماية وركوب الدراجات النارية وسباق السيارات والتزلج على الماء والتنس الأرضي ومشاهدة السينما والسفر والرحلات والإتصال بالراديو الذي كان رمزه عليه JY1.
كان الملك الحسين يقود الطائرة الملكية بنفسه عائدًا من رحلة العلاج الأولى في تشرين الثاني عام 1992
ولما أصبح فوق عمان، ذرفت عيناه دموع العودة والفرح والشوق والمحبة.
جهز له الديوان الملكي سيارةً مصفحة، ليركبها من مطار ماركا إلى قصر رغدان فالحمّر، مرورًا بشوارع عمان الرئيسية.
كان أول ما فعله أن صلى على أرض المطار ركعتي شكر لله. ثم توجه بموكبه المهيب إلى قصر رغدان ليقبل يدي ووجنتي الملكة الوالدة، في صورة تاريخية، هي الأشهر من بين صور البنوة والأمومة في العالم.
ركب الحسين السيارة المصفحة، لكنه خرج من فتحتها وصعد فوقها، يغمره اليقين المطلق ان الحامي هو الله، وانه في قلب عاصمته الأمينة، وأنه محروس بأفئدة أبناء شعبه الحبيب.
لي مع سيدنا، بعض الذكريات الأثيرة الغالية على قلبي. والعديد من الصور التي هي بمثابة كنز أعتز بها. وهكذا هو الحال مع معظم أبناء شعبنا، وخاصة أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، الذين لهم أطيب الذكريات مع هذا القائد الفذ، الذي ظل معنا، بفضل الله، أطول مدة يمكثها زعيم مع شعبه.
غدًا هو يوم الوفاء والبيعة.
نحمد الله الذي وهبنا الحسين وأبا الحسين عبد الله الثاني وارث اسمه و سرّه وجيناته وقلبه وحكمته.
يرحم الله الحسين.