م. مدحت الخطيب : الأردن وعُمان... أخوّة راسخة وعلاقات متينة

لغويا ما بين عمّان وعُمان شدة وضمة وفتحة لا يرافقها سكون ولا هجران «، للوهلة الأولى يظن البعض أنها مجرد تلاعب لغوي بديع ولكنها الأقدار التي تجمع الأخيار من أبناء أمتنا العربية والإسلامية التي نعتز بها ونفتخر.
في دهاليز اللغة، قد تختبئ المسافات خلف حركة، وتتلخص الفوارق في شدة أو ضمة، لكنها في جوهرها تجسيد أنيق لتشابه الأسماء واختلاف المسارات، وتذكير بأن صياغ الحرف قد يُفَرِّقُونَ به بين موطنين لغويا، لكنهم لن يُفَرقوا بين قلبين وشقيقين وجسدين.
عمّان، تلك المدينة المتكئة على جبالها السبعة، حاضرة الأردن وعاصمته، تحتضن التاريخ في جدرانها القديمة، وتبني المستقبل في مدنها الحديثة. مدينة الحرف والكتاب والمقهى الصباحي، حيث يلتقي الشرق بالغرب في تناغم رصين. أما عُمان، فهي بلد النخيل والبحر، أرض اللبان والعطر، التاريخ البحري العميق، والسياسة الحكيمة المتزنة. من مسقط إلى صلالة، تنسج عُمان حكاية مختلفة، بهدوئها الجميل وتقاليدها المتجذرة.
نعم بينهما الشدة والضمة والفتحة وتلاعب الحروف ومرادفاتها ، لكنها ليست إلا رمزًا. فالذي يجمع عمّان الأردنية بعُمان الخليجية أعمق من الحروف، وأبقى من الجغرافيا. يجمعهما لسان عربي واحد، وثقافة أصيلة، ووشائج من الأخوة والتاريخ المشترك الذي نعتز به ونفتخر.
جاهل من ظن أن المسافة ما بين عمّان وعُمان مسافة حبر وحرف ورسم قلم وكلمات مبعثرة، ما يجمعهما هو وطن ممتد من المحيط إلى الخليج، وطن اسمه العروبة ومهما انكسر جناحها ستبقى لنا عنوانًا للأمل ومهما كثرت رياح الضعف والتمزق والتبعية.
بعيدًا عن الصخب الإعلامي والضجيج السياسي،
تترقب الجماهير الأردنية والعمانية المواجهة المصيرية بين منتخبي البلدين الشقيقين في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، حيث يلتقيان يوم الخميس 5 يونيو 2025، على ملعب مجمع السلطان قابوس الرياضي في مسقط.
تكتسب هذه المباراة أهمية بالغة في ظل المنافسة الشديدة في المجموعة الثانية من التصفيات الآسيوية، فمنتخب الأردن يحتل المركز الثاني برصيد 13 نقطة، بينما يأتي المنتخب العماني في المركز الرابع بـ10 نقاط.
يمنح النظام الحالي للمرحلة الثالثة من التصفيات بطاقتي تأهل مباشرتين إلى كأس العالم لصاحبي المركزين الأول والثاني، فيما يخوض المنتخبان صاحبا المركزين الثالث والرابع مباريات الملحق لهذا سيعمل كلا الفريقين لتحقيق الفوز وتعزيز فرصه بالوصول وتحقيق الحلم ..
تاريخ المواجهات بين المنتخبين يشهد تفوقًا للمنتخب الأردني، حيث التقى الفريقان في 19 مباراة سابقة، فاز خلالها الأردن في11 مباراة، بينما فازت عمان فقط في 4 مباريات، وانتهت 4 مباريات بالتعادل.
آخر لقاء جمع بينهما في 15 أكتوبر 2024 انتهى بفوز الأردن 4-0، مما يعزز من معنويات «النشامى» قبل هذه المباراة الحاسمة.
ختامًا، فإن العلاقة الأردنية العُمانية ليست مجرد شراكة بين بلدين ولا منافسة بين فريقين، «في النهاية، ما هي إلا مباراة كرة قدم... الكل فيها رابح: من لعب، ومن شجع، ومن استمتع.» نعم علاقتنا مع الأشقاء في هذا الوطن الطيب المعطاء أخوّة حقيقية ضاربة في الجذور، وتؤكد أن الصدق فيها ممكن، حين تكون القلوب صافية، والرؤية صادقة، والإرادة مشتركة.